12 سبتمبر 2025
تسجيلأحياناً نمر بظروف ومواقف صعبة، نعتقد أننا لن نتجاوزها ونظل نفكر فيها بطريقة سلبية وتجعلها تزيد وتنغص علينا حياتنا وحتى تفاصيل يومنا، بينما لو نظرنا لها بطريقة أخرى لربما نجد أنها كانت بمثابة مشكلة أوجدت لنا طريقاً لم نكن لنعرفه، وفرصة لم نكن نحلم بوجودها لولا هذه المشكلة، وهنا تحضرني قصة شاب رائد أعمال مبتدئ خسر أمواله، وقد قدم بخطوات مثقلة إلى كرسي في الحديقة واليأس يغمره، جلس وتنهد تنهيدة قوية كأنه يخاطب بها زمانه، لم يلق بالاً للعجوز المرتب الذي تظهر عليه علامات يسر الحال والجالس بجانبه على الكرسي، لاحظ العجوز الهم الذي يكسو الفتى فسأله: ما بك؟ تنهد الشاب وقال بصوت يملؤه الألم: خسرت كل ما لدي، مستقبلي ضاع، خسرت شركتي الصغيرة وأثقلت الديون كاهلي فبعت كل ما أملك، بأي وجه أعود للبيت وأخبر زوجتي الصابرة بأنني خسرت آاااه، أتعلم كنت ناجحا وكانت لدي أفكار عظيمة، أما الآن فقد نضب العقل من جراء الصدمة، ليتني انتحر وأتخلص من هذه الحياة، سكت العجوز قليلا ثم أخرج من جيبه ورقة وقال: هذا شيك بمليون دولار إنه لك أصلح به أمورك بشرط أن تسدده السنة القادمة في نفس الموعد. فرح الشاب وعقدت الدهشة لسانه ولم ينطق ثم قال: أشكرك يا سيدي أنت تنقذني من الدمار، أعدك بأن أرجع لك المال، ولن أنسى فضلك ما حييت، ولكن ما الضمانات التي تطلبها؟ قال العجوز: لا أطلب شيئا. وتحرك العجوز من مكانه مغادراً، وركض الشاب للبيت ليخبر زوجته بالقصة العجيبة التي حدثت له ثم قال: الآن أستطيع الوقوف على رجلي من جديد، الآن أستطيع أن أبدع من جديد، أشعر بالأمل يعطيني شلالا من الأفكار أكاد لا أستطيع إيقافه، فقد تغيرت نفسيته وأصبح أكثر قدرة على التفكير والعطاء. تركت الزوجة زوجها يتحدث ثم قالت له: ما رأيك بفكرة جميلة؟، اترك هذا الشيك جانباً، اتركه وحين تحتاجه فهو موجود، وابدأ باستعادة علاقاتك مع رجال الأعمال، ولا تنس أن اسمك أكبر ضمان لهم، خذ منهم ما تحتاجه بعقود مؤجلة الدفع، وهم يعرفون من أنت، كوّن نفسك من جديد وكلي ثقة بنجاحك، وإن لم تستطع فالشيك موجود. لكن أثبت لنفسك أنك قد تصنع المستحيل، وأنك ستنهض من جديد دون مساعدة أحد (وهي محفزة وداعمة له)، أعجبت الفكرة الزوج وقال لزوجته: سأترك هذا الشيك لديك وأبدا بالعمل، وفعلاً بدأ بالعمل والأمل يغمره والتفاؤل صاحبه. وبدأ الشاب ينفذ كل ما أشارت به الزوجة واستعاد علاقاته السابقة مع الآخرين وبنى نفسه شيئا فشيئاً. أتى الموعد بعد سنة والشيك لا يزال كما هو لم يصرف، وأعمال الشاب بدأت تزدهر، أصبح لديه مشروع صغير يكفيه ويكفي أسرته، احتفل هو وزوجته بهذا النجاح وأسرع للحديقة في نفس الموعد، وفي نفس المكان، وجد العجوز يمشي بالحديقة، وتلتقي نظراتهما فلا يلقي له العجوز بالاً، وركض الشاب باتجاه العجوز قائلا: سيدي أتذكرني، أنا الشاب الذي أعطيته الشيك قبل عام، أبشرك لم أستخدمه بل اعتمدت على نفسي ونجحت وهذا هو الشيك وأشكرك جدا على كرمك. ما زال العجوز صامتا ولم ينطق أبدا بل أمسك بالشيك بكل هدوء، فجأة تخرج من بين الأشجار ممرضة وتسحب العجوز من يده قائلة: آسفة يا سيدي هذا العجوز مريض لدينا في مستشفى الأمراض العقلية وهو يعتقد نفسه مليونيرا ويحرص على مظهره، ويهرب باستمرار لهذه الحديقة المجاورة للمشفى ويقوم بتوزيع الشيكات على المارة، أعتذر مرة أخرى. تعقد الصدمة لسان الشاب، وتمر أحداث السنة أمام ناظريه، ثم انفجر ضاحكاً (وهو يتذكر الشيك الذي حافظ عليه وكان يعتمد عليه، ثم يكتشف أنه سراب). خاطرة،،، قد تمر علينا أزمات وظروف نعتقد أنها النهاية لكنها البداية لقصة جديدة.