26 أكتوبر 2025

تسجيل

عودة العلاقات التركية الروسية

10 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تأتي الزيارة التي يؤديها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا في سياق استعادة علاقات بلاده مع الأخيرة بعد أن انقطعت على إثر إسقاط طائرة السوخوي الروسية في نوفمبر من العام الماضي. ولا شك أن استعادة العلاقات الثنائية وتفعيلها وتطويرها بات حاجة ملحة لتركيا كما لروسيا لأسباب منها: - تعد المضايق التركية الممر الإجباري والوحيد لولوج روسيا إلى البحر الأبيض المتوسط. وقد أعطت اتفاقية مونترو 1936 لتركيا الحقوق الكاملة لممارسة سيادتها على المضايق. وتعبر مضيقي البوسفور والدردنيل 28 ألف فينة سنويا أغلبها سفن تجارية وتمر فيهما سفينة حربية روسية واحدة كل 36 ساعة بينما تمر عبرهما 20 سفينة تجارية روسية كل يوم. وتمثل السفن التجارية الروسية % 40 من الحمولة المارة في المضيقين وعودة العلاقات تجنب البلدين التوترات التي قد تحدث بسبب المضايق. - يغطي التعاون التركي الروسي مجالات مختلفة أهمها مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والإنشاءات والنقل والسياحة. ويعد التطبيع مهما لروسيا لتتمكن من مواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي جرى تمديدها حتى 2017 . وفي اللقاء الذي جمع بين بوتين وأردوغان في سبتمبر من عام 2015 قال بوتين: "إن تركيا هي الشريك التجاري الثاني لروسيا"، بينما قال أردوغان "نتطلع إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2023 ". وكان حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2013 قد بلغ نحو 32.7 مليار دولار أمريكي ونحو 40 مليار دولار قبيل نشوء الأزمة بين البلدين في نوفمبر من عام 2015 .وتفعيل العلاقات التركية الروسية سيمكن البلدين من استكمال تنفيذ مشروع نقل الغاز الروسي إلى حدود تركيا مع اليونان ومشروع الطاقة النووية، كما سيفعل اتفاقيات السياحة والتنقل والاستثمارات التركية في مشاريع البني التحتية والمشاريع العقارية العملاقة. ويتكبد كل من الطرفين خسائر، قدرت ب 8 مليارات دولار للجانب التركي طالت القطاعات الزراعية والصناعية والإنشاء والسياحة، بينما يتكبد الجانب الروسي 9 مليارات دولار طالت بصفة أكبر قطاعات المال والغاز والنفط والمعادن. - يدرك حزب العدالة والتنمية أن تبعية تركيا لحلف الناتو قزّمت دورها في الإقليم بأكثر مما عظمته، وأن الولايات المتحدة قد خذلت الشعب التركي والشعب السوري كليهما بسياساتها وأخيرا بوقوفها خلف الانقلاب الفاشل.والأمر نفسه فعله الاتحاد الأوروبي سواء فيما يتعلق بضم تركيا إليه أو فيما يتعلق بالاتفاق الذي أبرمه مع تركيا بخصوص اللاجئين. لذلك تأتي ضرورة إقامة علاقات قوية مع روسيا أولا ردًا على تعنت الاتحاد الأوروبي وسياسات الولايات المتحدة، وثانيا لإقامة شكل من أشكال التوازن في علاقاتها مع القوى الكبرى وثالثا من أجل استقرار القوقاز وأسيا الوسطى ورابعا لحمل الجانب الروسي على وقف دعمه للإرهابيين الأكراد المناوئين لتركيا وخامسا لزحزحة الموقف الروسي من الأزمة السورية. كشفت التحقيقات التي جرت بعد فشل الانقلاب عدة حقائق، منها أن الانقلاب جرى التخطيط له في الغرب، وأن قاعدة أنجرليك الجوية كانت مركزه، وأن الذي أسقط طائرة السوخوي الروسية كان عضوا في جماعة فتح الله غولن وأنه فعل ذلك بتعليمات موجهة من قادة الانقلاب بغرض إفساد العلاقات التركية الروسية المتنامية. كما كشفت التحقيقات أن التعجيل بالانقلاب كان من بين أسبابه إظهار أردوغان لسياسة خارجية جديدة قوامها بناء شراكة إستراتيجية على محور أنقرة موسكو، وقد خشيت الولايات المتحدة من أن يؤدي هذا المحور على المدى الطويل إلى قيام الاتحاد الأوراسي الذي تعد روسيا والصين في قلبه، وكانت تركيا قد طالبة بالانضمام إلى منظمة شنغهاي التي تمثل تعبيرا عن هذا الاتحاد عام 2014 ومعلوم أن بريجينسكي قد حذر في كتابه "لعبة الشطرنج" من السماح بقيامه تحت أي مسمى واعتبره الخطر الحقيقي على قوة ونفوذ الولايات المتحدة، الأمر الذي يفسر وجود الولايات المتحدة في دول آسيا الوسطى والقوقاز ومحاولتها التدخل في شؤونها. وأخيرا فإن القيادة التركية تدرك أن تنمية الشراكة الإستراتيجية مع روسيا لا تعني الانسحاب من حلف الناتو بقدر ما تعني إقامة توازن في علاقاتها مع مختلف القوى، بما يستجيب لمتطلبات موقع تركيا الجيوسياسي وبما يحقق أهداف تركيا .