18 سبتمبر 2025

تسجيل

جمع التبرعات وإذكاء روح المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل

10 أغسطس 2014

لا أجد في هذه المرحلة عنواناً يصف حال الأمة بأفضل مما يجري على جبهتي الخير والشر في واقعنا العربي المعاصر، فكل طرف يدلو بدلوه، إن كان ذلك ببذل النفس شهيدا أو ببعض الدم جريحاً، أو بالدعم المادي والعيني، أو بالتظاهر ضد الطرف الآخر، أو بمقاطعته سياسياً أو اقتصاديا، أو حتى بالكلمة المساندة في مقال أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة. ويقف أهل الشر في المعسكر المقابل يتحصنون خلف خطوط العدو الذي يقتل المدنيين ويدمر بيوتهم ومساجدهم ومؤسساتهم، فيعملون ما في وسعهم من حصار وتضييق على أهل غزة، ومن تدليس وتضليل على حقهم المبين في الحياة، سواء كان ذلك إعلامياً ببيان وجاهة الشر وتلميع صورته، أو بالسكوت تارة، والتعتيم أخرى، على فضائحه وجرائمه. وقد رصدت هذا الأسبوع العديد من المواقف لهذا الطرف أو ذاك، تصب كلها باتجاه قول الله عز وجل: "ليميز الله الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا، فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون". وأعرض في هذا المقال لأربعة مواقف على درجة من الأهمية والتأثير، إن كان في جانب الخير أو الشر. وأول هذه المواقف في جانب الخير ما قامت المؤسسات الاجتماعية في قطر هذا الأسبوع، من حشد شعبي لدعم ومساندة أهل غزة والتخفيف من معاناتهم وآلامهم، وجمع التبرعات لهم، في احتفاليات تضامنية رائعة نقلها على الهواء مباشرة تلفزيون قطر، وراديو قطر، وصحافته الإلكترونية والورقية. وفي حين تمكنت هذه الجهود الخيرية من جمع ملايين الريالات للمتضررين من العدوان الهمجي، فإن الكلمات الطيبة التي صاحبتها قد كان لها، ولا شك، تأثير إيجابي على نفوس المقاومين والصامدين في أرض العزة، فجزى الله كل من شارك وأسهم خير الجزاء.وثاني هذه المواقف، وهو منسوب أيضاً لأهل قطر ورجالاتها العظام، ما تقوم به الجزيرة من جهد ضخم في كشف الحقائق وفضح الجرائم الدامغة، والمواقف المتخاذلة للمنتسبين للطرف الآخر، طرف الشر... وقد سمحت لي الظروف قبل أيام بالمشاركة في حلقة ضمن برنامج الاقتصاد والناس، عن موضوع "مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتأثيرها على إسرائيل". ورغم أن الموضوع يبدو قديماً ومكرراً وربما غير فعال في ظل انبطاح رسمي عربي، فإن الحلقة قد عرضت للموضوع بشكل مختلف من منظور شعبي، وأظهرت الوثائق التي عرضتها الحلقة كيف أن العالم قد تحرك في هذا الاتجاه لمعاقبة إسرائيل اقتصاديا على أفعالها، وأن ذلك بات يحدث في الدول التي تساند العدو، كالولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها. ومثل هذه الجهود الطيبة يجب أن تعزز شعبيا، بمبادرات فردية ومؤسسية، مع العلم أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن توظيفها بفعالية في هذا المجال.وثالث المواقف التي تستحق الرصد في أسبوعنا هذا ما صدر عن المقاومة الباسلة في غزة مساء الخميس، من رفض لكل دعاوى الاستسلام والانبطاح التي تمارسها دول عربية من أجل إنهاء معركة الصمود الباسلة، وكي يخرج أهل غزة منهزمين بما لحق بهم من خسائر في الأرواح والممتلكات دون تحقيق مطالبهم المشروعة. وهذا الرفض القاطع من جانب المقاومة يُسقط أحلام العدو وزبانيته من أهل الشر، ويزيد من حالة التمييز في المواقف بين الخبيث والطيب. ورابع هذه المواقف يصنف على أنه من المواقف الخبيثة الشائنة التي لا بد من استنكارها والوقوف في وجهها، وقد جاء هذا الموقف للأسف الشديد من رئيس دولة فلسطين الذي يُفترض أنه مع الحق المبين في غزة، وكأنه بذلك يرد على رفض المقاومة للضغوط، فهذا الرجل الذي يمكنه موقعه كرئيس من مقاضاة إسرائيل في محكمة الجرائم الدولية، بما يشل يدها عن مواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم، قد خرج علينا فجأة بقرار سحب ما تقدمت به سلطته من دعاوى بسبب الضغوط التي مورست عليه. وكأنه يقول لإسرائيل: لا عليكم، واصلوا القصف والعدوان، وأنا أحميكم من أي ملاحقات قضائية... فهل يستحق هذا الرجل أن يكون رئيساً للفلسطينيين؟!!!. هكذا يميز الله الخبيث من الطيب، وقد أبى الرئيس إلا أن يكون مع الخبثاء، أفلا يجد في موقف أبو عمار أسوة حسنة، عندما حاصره اليهود في رام الله، فأبى الاستجابة لإملاءات شارون وضغوط مؤيديه، وقال: أنا مشروع شهادة!! ألا يتمنى المناضل القديم أبو مازن أن يكون شهيداً بعد أن بلغ من العمر عتيا!