11 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتخابات الإيرانية وتداعياتها على تركيا والمنطقة العربية

10 يوليو 2024

عندما توفي الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية غير متوقع الشهر الماضي، فوجئ العالم أجمع وبدأ يتساءل عما إذا كان هذا سيخلق مجالاً للتغيير في البلاد. لأن إيران دولة مهمة في الشرق الأوسط بتورطها في العديد من الشؤون العربية من سوريا واليمن إلى حرب غزة. كما لعبت إيران دوراً فعالاً في قمع مطالب الشعبين السوري واليمني بالديمقراطية والحرية والتنمية. وإلى جانب العراق، تدخلت إيران في العديد من الدول العربية إما بشكل مباشر أو غير مباشر. في هذه المقال سأناقش أهمية الرئيس الإيراني الجديد للمنطقة وخاصة للعالم العربي. في إيران، اختار مجلس صيانة الدستور ستة مرشحين في الانتخابات الرئاسية. ونظراً لإقصاء المرشحين الجادين سابقاً مثل أحمدي نجاد (الرئيس السابق الشعبوي)، وافق المجلس أيضاً على المرشح المفاجئ مسعود بازشكيان الذي ظهر كمرشح إصلاحي من أصل تركي. هو تصدر في الجولة الأولى من الانتخابات وهزم المرشح المحافظ جليلي بـ 16.3 مليون صوت مقابل 13.5 مليون صوت لجليلي في الجولة الثانية. وكان معدل المشاركة هو الأدنى منذ ثورة 1979 بنسبة تحت 50 في المائة، على عكس انتخابات عام 2009 التي بلغت نسبة المشاركة 85 في المائة. ويُظهر توزيع الناخبين أن بازشكيان كان أقوى على أطراف إيران حيث تعيش معظم الأقليات غير الفارسية مثل الأتراك الأذربيجانيين والأكراد والبلوش والتركمان. وعد بازشكيان بفتح إيران للعالم وتقليص القيود القانونية على النساء والإنترنت. ولغرض هذا المقال، نحن مهتمون أكثر بسياساته الخارجية وتأثيرها على الشرق الأوسط. يهيمن المرشد الأعلى آية الله خامنئي والحرس الثوري على السياسة الخارجية والأمنية في إيران. على سبيل المثال، لم يكن الرئيس السابق أحمدي نجاد حريصًا على قمع الثورة السورية لكن الحرس الثوري وقسم سليماني فعلوا العكس. وكان دور خاتمي في السياسة الخارجية محدوداً للغاية أيضا، وقد تسربت شكاوى وزير الخارجية جواد ظريف بشأن مثل هذه الضغوط إلى الصحافة في وقت سابق. كانت علاقات إيران مع تركيا تتأرجح دائماً بين المنافسة والتعايش أي تعامل بحذر. وإن الأصل التركي لبازشكيان يشكل عاملاً إيجابياً لتحسين الحوار بين تركيا وإيران، ولكن الهوية الطائفية أكثر تأثيرا في السياسات الإيريانية. وقد اختلف البلدان خلال الربيع العربي. دعمت تركيا مطالب الشعوب العربية بالديمقراطية والحرية والتنمية، في حين حاولت إيران منع مثل هذه التطورات في سوريا واليمن والعراق. وقد يهدف سماح النظام الإيراني لسياسي من أصل تركي إلى الحد من موج القومية التركية في الجزء الشمالي الغربي من إيران حيث يشكل الأتراك الأذربيجانيون غالبية السكان. والتوتر إزداد بين إيران وأذربيجان في السنوات الآخيرة أيضاً، خاصة بعد تحرير قرباغ. سوف يعمل بازشكيان تحت نظام وصاية الحرس الثوري، وقد تكون أجندته الإيجابية مقيدة بشكل كبير فيما يتصل بالسياسة الخارجية. إن قدرة الرئيس الشخصية وعلاقاته والسياق الداخلي والخارجي ستؤثر على قدرته على الحد من وصاية الحرس الثوري (مثل ما فعله أوزال وأردوغان في تركيا). إن انخفاض معدل المشاركة يمكن أن يفسر كدليل على انخفاض التوقعات بين الشعب الإيراني. لن يسيطر بازاشكيان على السياسة الخارجية ولكن سيكون له بعض الصوت في سياق السياسة الداخلية المزدحمة والاقتصاد المتعثر جنبًا إلى جنب مع الديناميكيات الخارجية الرئيسية مثل حربي أوكرانيا وغزة. إن تقدم كلتا الحربين ونتيجة الانتخابات الأمريكية سيؤثران على موقف إيران في المنطقة والعكس صحيح. سيكون موقف الرئيس الجديد مهمًا فيما يتعلق بالعالم العربي. على الرغم من أن إيران كانت مسؤولة عن تدمير سوريا واليمن، إلا أنها اكتسبت شعبية لدعمها للمقاومة في حرب غزة مؤخرًا. فشلت إيران في تشجيع حليفها حزب الله على فتح جبهة في شمال إسرائيل، لكن حزب الله والحوثيين يواصلان إزعاج الأنشطة العسكرية والاقتصادية الإسرائيلية. تحت الوساطة الصينية، بدأت المملكة العربية السعودية عملية تطبيع مع إيران. قد تتغير هذه السياسة إذا يفوز دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة العام المقبل، ولكن حتى الآن، تواصل إدارة بايدن التعامل الإيجابي مع إيران كما فعل أوباما. وسوف يتشكل دور الرئيس الإيراني الجديد في سياق الشرق الأوسط من خلال وصول ترامب إلى السلطة، والمنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين في ضوء التطورات الإقليمية في حربي أوكرانيا وغزة. الدول العربية وتركيا سترحب بإيران كجار مسلم أكثر من جار مخاصم وهذا يعتمد على قرار النظام الإيراني وليس على الرئيس الإيراني الجديد.