03 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يعيش المسلمون في لبنان مرحلة هي الأسوأ منذ سنوات. حقيقة يحاول بعضهم تجاهلها أو دفن رؤوسهم في الرمال كي لا يضطروا لمواجهة مرارتها. فحال التشرذم والضعف الذي يعانون منه لم يشهدوا مثيلًا له منذ انتهاء الوصاية السورية عام 2005. وهنا من الضروري الإشارة إلى أنني حين أتحدث عن المسلمين فإنني أعني بذلك المسلمين السنّة تحديدًا. مشاكل كثيرة يعاني منها مسلمو لبنان، بعض هذه المشاكل لا علاقة لهم بها، فهي ناتجة عن عوامل خارجية لا ناقة لهم فيها، في حين أن مشاكل أخرى أساسية وجوهرية نابعة من داخل صفوفهم، أبرز هذه المشاكل هي فرقتهم وعدم امتلاكهم للبوصلة وعدم وجود رؤية مشتركة تجمعهم، في المقابل تتوحد بقية الطوائف وتتقارب فيما بينها وتتماسك وتدرك ما تريد، رغم تعدد الأحزاب والشخصيات التي تمثلها.مشكلة المسلمين في لبنان أنهم ليسوا على قلب رجل واحد، ما يفرقهم أكثر مما يجمعهم. فبعضهم لا يبالي بما يجري من حوله، لا بأس بالنسبة إليه أن يحترق البلد بمن فيه، طالما أن الحريق لن يقترب من حسابه المصرفي وأملاكه، وطالما أنه لن يعترض طريق برنامجه لقضاء عطلته السنوية. البعض الآخر، مشكلته أكبر وأكثر تعقيدًا، فهو يدرك الضعف الذي ألمّ به، وواع لتشرذم صفوفه وفرقته، لكنه رضخ للواقع واعتاد عليه، ولم يعد منزعجًا من تسلّط الآخرين عليه. ومن الواضح أن هذا الفريق تم تدجينه وترويضه بشكل جيد، وبات منسجمًا مع الطوائف الأخرى ولو كان هذا الانسجام على حساب مصالحه ومكتسباته.يبقى البعض الثالث، وهو الذي لا يزال عصيًا على التدجين، ويناضل بكل ما امتلك من قدرة لمواجهة الواقع المرير، ويحارب بكل الوسائل المشروعة لمواجهة الضعف والفرقة التي يعاني منها المسلمون حوله. هذا الفريق رغم مرور سنوات على حال الضعف والترهّل إلا أنه لم يفقد الأمل، ولا يزال يراهن على قوة كبيرة كامنة لدى مسلمي لبنان لم تُستخدم بعد، أو أنها استخدمت في المكان الخطأ. مشكلة هذا الفريق ليست في خصومه بقدر ما هي في من يفترض أنهم أصدقاؤه وإخوانه، الذين عوض مساندته ودعمه ومساعدته، يجتهدون لعرقلة طريقه ووضع العصي في دواليب مساره، وتشويه صورته في الإعلام، وتخويف بقية اللبنانيين منه.لا يطالب هذا الفريق بالكثير، جلّ ما يريده هو مساواة المسلمين ببقية اللبنانيين. يريد حصول المسلمين على قطعة الجبنة الخاصة بهم كما يحصل الآخرون على قطعتهم. يريد أن يطبق القانون بحرفيته على الآخرين كما يطبّق عليهم.يرفض هذا الفريق القبول بواقع مشاركة حزب الله في قتل الشعب السوري تحت أنظار الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية، في مخالفة فاضحة ووقحة للقانون والأخلاق والإنسانية والدين، يرفض القبول بواقع أن يحتكر حزب الله حمل السلاح دون بقية اللبنانيين بذريعة مقاومة إسرائيل التي لم يُطلق عليها رصاصة واحدة منذ سنوات. يرفض أن تصب الأجهزة الأمنية اهتمامها وجهودها لملاحقة من ارتكب مخالفات وأخطاء بسيطة ويتم الزجّ به في السجون ويتعرض لصنوف التعذيب والإهانات لا لشيء، فقط لأن أحدًا من المرجعيات السياسية لم يسأل عنه أو يتوسط لإطلاق سراحه. في المقابل، يسرح الآخرون ويمرحون ويرتكبون ما شاءوا من مخالفات وجرائم دون أن تجد الأجهزة الأمنية والقضائية دافعًا لملاحقتهم واعتقالهم وتطبيق القانون عليهم، فقط لأن لديهم غطاءً يحميهم ويدافع عنهم. يرفض هذا الفريق أن يتم تشديد العقوبات عليه في حين تخفف على الآخرين، رغم أن الجرم واحد والظروف متشابهة، يرفض الخضوع لمنطق صيف وشتاء تحت سماء واحدة.مشكلة هذا الفريق أن رفاقه وشركاءه من المسلمين لا يكتفون بالتفرج والمشاهدة، بل يساهمون مع الآخرين في تضييق الخناق حول رقبته، ومحاولة إسكات صوته، لأن استمرار صراخه يفضح تخاذلهم وتقاعسهم.