20 سبتمبر 2025

تسجيل

القرضاوي إماما

10 يوليو 2016

فجأة ودون سابق إنذار تم ربط اسم الشيخ الإمام يوسف القرضاوي بالعمليات الانتحارية، التي يقوم بها بعض المغرر بهم مخابراتيًا لتفجير أنفسهم في أبرياء مسلمين ومسالمين.. وحدث خلط عجيب بين كثير من العامة بسبب تدليس متعمد وربما مدروس لفتوى قديمة للشيخ حول العمليات الاستشهادية. من يراجع التاريخ لمعرفة أحداثه دون ارتباط بأجندات معينة، سيدرك أن الإمام القرضاوي حين أفتى قبل سنوات عديدة بجواز العمليات الاستشهادية، إنما كانت مخصوصة لمنطقة معينة وأناس محددين هم أهل فلسطين المحتلة، كوسيلة ربما تكون ناجعة في وقف الظلم والجبروت الصهيوني في فترة من فترات الصراع بين الطرفين، وكانت بالفعل مجدية نافعة، أركعت الصهاينة وأجبرتهم في إعادة تقدير مواقفهم من الفلسطينيين المجاهدين، ووقف وحشيتهم ضد الأبرياء. وقد ظهرت تلك الفتوى في وقت كان جميع العرب، سياسيين وعلماء وشعوبًا، ضد السياسات الصهيونية الإجرامية مع الفلسطينيين، بل كان الترحيب من الجميع تقريبًا بعمليات المقاومة الفلسطينية ومنها العمليات الاستشهادية، فما الذي تغير الآن؟ما تغير الآن هو الأجندات السياسية ودون سابق إنذار أيضًا، بل دون مبررات منطقية، وتحول صديق الأمس والعالِم الذي كان الجميع يتودد إليه ويتقرب منه، إلى عدو مبين، في مشهد يدل على ضحالة في الفكر السياسي وغياب للرؤية الإستراتيجية في التعاملات مع الواقع، تضاف إلى ما عليه الفهم السياسي العربي من تناقضات وضبابية بشكل عام.قد يختلف العلماء في الآراء التي لا نص شرعيًا عليها، ولا شيء في ذاك الاختلاف، وهم الأقدر على الإفتاء لغزير علمهم، لكن أن يدخل كل من هب ودب في هذا الاختلاف العلمي الشرعي، فهذا مما يفسد الأمر، وهذا ما يحدث فعلًا حين يزج بعض السياسيين ومن يدور في فلكهم، أنوفهم فيما لا علم لهم به ولا علاقة، وربما هذا هو لب الحاصل في الضجيج الإعلامي، الذي ليس له أي معنى سوى تصفية حسابات وتنفيذ أجندات سياسية بحتة، هي أبعد ما تكون عن الدين أو الإنسانية.