11 سبتمبر 2025

تسجيل

حوار الطرشان

10 يوليو 2016

المسمى هو عنوان فقرة كنت أقدمها على الهواء مباشرة قبل سنوات طويلة جدا مع أستاذي وزميلي الأديب والإعلامي عبد السلام جاد الله في برنامج (حتى الواحدة والنصف)، الذي كان يذاع في فترة الظهيرة، تذكرته الآن وأنا أري عقم أغلب الحوارات الإعلامية وخلوها من مضمون نافع أو نتيجة أو هدف يقال. حوار الطرشان لأن الأطرش يختلف عن الأصم فالأطرش يسمع قليلا والأصم لا يسمع أبدًا، وجاء في معجم المحيط أن الطرش هو أهون الصمم، والأطرش يسمع قليلا ولا يسمع الكلام كاملا أو واضحا لذا يسعى إلى تقدير ما لم يسمعه فيأتي رده على الطرف الآخر ليس من خلال ما قاله الآخر بل استنادا إلى تقدير ما لم يسمعه هو وهكذا يتحول الحوار بينهما إلى حوار عقيم يستحيل فيه الوصول إلى نتيجة وليس بالضرورة أن يكون حوار الطرشان هو حديث أطرش مع آخر بل هو حوار يهدد أغلب أشكال الحوارات الإعلامية التي نشاهدها أو نسمعها فكم عدد الحوارات التي انتهت بنتيجة؟ وكم هي الحوارات التي فتحت أفاقا جديدة؟ وكم هي الحوارات التي غيرت وبدلت وأضافت وأصلحت وانتشرت؟ لا شيء يذكر، في عالمنا أصبح الحوار لا يأتي بشيء ففي كل الحوارات يفرض الطرف الأقوى رأيه وصوته وفي كل حوار يتحدث الأكثر تسلطا والأكثر تمردا والأكثر أنانية والأكثر حقدا والأكثر عجزا عن فهم الآخرين، حوار الطرشان هو ذلك الحوار الذي يكون فيه كل طرف عاجزا عن فهم الطرف الآخر وكل طرف يتمسك بما يريد هو أن يفسره وليس ما يجب أن يفهمه وبين هذا وذاك يضيع الهدف ويضيع الوقت ويضيع الصوت ويضيع الحوار بأكمله.قالت: أرجو أن تكون الأمور بخيرقال: أشكو؟ من ماذا تشتكينقالت: أستكين؟قال: نعم السكين؟ ماذا به السكينقالت: أي سكين؟ لا أمسك بيدي سكينا ولا أتحدث عن السكين أنني فقط أرجو أن تكون الأمور بخيرقال: غير؟ وماذا غير ذلك إلا تكفين عن الشكوى وتبعدين السكينقالت: حسنا، حسنا، اهدأ فقطكل ما فهمناه من هذا الحوار هو أن الكلام ضائع لا أحد يفهم الآخر بل لا أحد يسمع الآخر، وكل طرف يفسر الكلام حسب فهمه ويعيده كالأطرش الذي يقدر ما لم يسمعه ويقوله وللأسف يظل حوار الطرشان والذي يسمى في عالم الأدب والمسرح بالحوار المستحيل كما هو يدور ويدور دون الوصول لهدف أو نتيجة.