12 سبتمبر 2025

تسجيل

فضل القرآن الكريم (6-9)

10 يوليو 2015

العمل بالقرآن :-عن قتادة  قال في قول الحق سبحانه : ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، قال : البلد الطيب : المؤمن سمع كتاب الله فوعاه فأخذ به فانتفع به ، كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت . ( والذي خبث لا يخرج إلا نكدا ) عَسِراً ، مثل الكافر قد سمع القرآن فلم يعقله ، ولم يأخذ به ، ولم ينتفع به كمثل هذه الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئاً ولم تمرع شيئاً . وعن أبي سعيد الخدري  قال : سمعت رسول الله  يقول : ( يكون خَلْفٌ من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً ، ثم يكون خلْف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم . ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ، ومنافق ، وفاجر ) . قال بشير : فقلت للوليد ما هؤلاء الثلاثة ؟ فقال : المنافق كافر به ، والفاجر يتأكل به ، والمؤمن يؤمن به ) . وقال عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما : كنا إذا تعلمنا من النبي  عشر آيات لم نجاوزها حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل ... قالا : فتعلمنا العلم والعمل جميعاً . ومن بلاغات الإمام مالك ( رحمه الله ) أنه بلغه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها . وعن عمر بن الخطاب  أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي لقيه بِعُسْفَانَ ، وكان عمر يستعمله على مكة ، فقال : من استعملت على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أَبْزَى . قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا . قال : فاستخلفت عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله عز وجل ، وإنه عالم بالفرائض . ثم قال عمر : أما إن نبيكم  قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) . وعن عمران بن حصين  أنه مر على قَاصٍّ يقرأ ، ثم سأل ، فاسترجع ثم قال : سمعت رسول الله  يقول : ( من قرأ القرآن ، فليسأل الله به ، فإنه سيجيئ أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس ) . وعن مالك بن أنس بلغه أن رسول الله r قال : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وَسُنَّةَ نبيه r ) . وقال عمر بن الخطاب  : اقرؤوا القرآن تُعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله ، وزنوا أنفسكم قبل أن تُوزنوا . وقال عبد الله بن مسعود  : والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يُحِلَّ حلاله وَيُحَرِّمَ حرامه ، ويقرأه كما أُنزل ، ولا يُحَرِّفَ الكلم عن مواضعه ، ولا يتأول منه شيئاً على غير تأويله . وقال أبو موسى الأشعري في تفسير قوله تعالى : ( يتلونه حق تلاوته ) : ومن يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة . وقال مجاهد في معنى الآية : ( يتلونه حق تلاوته ) : أي يعملون به حق عمله . وقال عكرمة : يتبعونه حق اتباعه . وكذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما . وقال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ( رحمه الله ) : في معنى الآية : ( يتلونه حق تلاوته ) : أي يتبعونه في أوامره فيمتثلونها ، وفي نواهيه فيتركونها ، وفي أخباره فيصدقونها ويعتقدونها ، ولا يقدمون عليه ما خالفه من الأقوال ، ويتلون أيضاً ألفاظه بدراسته ومعانيه بتتبعها واستخراجها . وقال أيضاً التلاوة : الاتباع ، فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ، ويعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، وهؤلاء هم السعداء . وقال أيضاً : يأمر الله تعالى بتلاوة وحيه وتنزيله ، ومعنى تلاوته : اتباعه بامتثال ما يأمر به واجتناب ما ينهى عنه والاهتداء بهداه ، وتصديق أخباره وتدبر معانيه وتلاوة ألفاظه ، فصار تلاوة لفظه جزء المعنى وبعضه ، وإذا كان هذا معنى تلاوة الكتاب ، علم أن إقامة الدين كلها داخلة في تلاوة الكتاب . وقال العلامة ابن القيم ( رحمه الله ) في معنى الآية : ( يتلونه حق تلاوته ) : أي يتبعون كتاب الله حق اتباعه . وقال في معنى قوله تعالى : ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب ) وقوله تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيئ وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن ) فحقيقة التلاوة في هذه المواضع هي التلاوة المطلقة التامة ، وهي تلاوة اللفظ والمعنى ، فتلاوة اللفظ مسمى التلاوة المطلقة ، وحقيقة اللفظ إنما هي الاتباع ، يقال : اتل أثر فلان ، وتلوتُ الأثر وقفوتُهُ وقصصته بمعنى تبعته ، ومنه قوله تعالى : ( والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها ) أي : اتبعها في طلوع بعد غيبتها ، ويقال : جاء القوم يتلو بعضهم بعضاً ، أي : يتبع .