18 سبتمبر 2025

تسجيل

سفور الشيخ والسياسي

10 يوليو 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كانوا سابقاً يتذرعون بأسباب مختلفة - ولو بدت سطحية - لتمرير الفضيحة الإعلامية التي لحقت بهم، أما اليوم فإنهم يجهرون بكل رزاياهم، ولا يبالون بالمتكلمين، ويراهنون تجاه كل تلك الجرائم على العقول السخيفة، وشراء الذمم؛ لتخفيف الوطأة أحياناً إن تطلب الأمر ذلك، وإلا فإن المعتمد الجديد هو (خلي الناس تدق راسها في الجدار). ما الذي جعل العديد من الأنظمة السياسية لا تفكر في شعوبها، ولا تراعي أي قيمة لما يُكتب عنها، ويقلل من هيبتها.إنها تجربة (الديكتاتورية) التي تحيط بهم، وتشكِّل نظمهم.ما الذي جعل "بن علي" و"القذافي" و"علي صالح" و"مبارك" و"بشار" يكررون وقت هبة الشعوب وصيحتها سيناريوهات (بلدنا غير)، ثم حصل لكل واحد منهم ألعن مما حصل للذي قبله؟!لماذا يلعب الجميع على المرحلة، ولا يخططون للمستقبل؟لماذا يكررون نغمة التخوين والشيطنة نفسها لمجموعات وهيئات من الشعب، ولا يقررون فهم طبيعة الشعوب وحسها في زمن البحث عن الحرية والكرامة؟لقد خلط هؤلاء تماماً بين ضرورة (الضبط الأمني) لحماية الشعوب، بموجب القانون والعدالة، وبين التسلط على النفس والكرامة والحقوق والحريات باسم القانون.إن التواضع للتغيير عندما لا يأتي في وقته، يكون كإحضار الطعام الشهي لموجوع في معدته!.إن تسميم العقول كتسميم المعدة، لن يكون معه أي تفاعل أو تراضٍ.إن المغامرات السياسية على حساب الشعوب، وقراءة ملفات مستجدات الوطن العربي طالما كانت تدار في أروقة أفراد ومجموعة تستقبل وترسل إشاراتها وقراراتها دون أي مراكز بحثية محايدة، وعقول منصفة واعية، ستُدخل الجميع في دوامة من التخبطات، والمزيد من التفكك.إنه لم يعد الاعتماد على الشعوب والمراهنة على عاطفتها لمجرد تحريك سجل من الإنجازات عبر سنوات أو عقود سابقة كافياً للشكر ومقنعاً لتمام المواطنة، بل متطلبات الشعوب اليوم تتجدد يومياً عبر مطالبات عقولها ونفوسها التي ترى وتستوعب وتستنفر خلاياها كل ألوان الطيف من المطالب التي تكفل لها حقيقة وجودها.وسيبلغ الأمر خطورته طالما أن عقلية تفريق الشعوب لأحزاب وجهات تحت الغطاء السياسي أو الديني قائمة.إن كل عاقل في الأمة يدرك أن الاستقرار والعدالة والأمن لا يقدر كل ذلك بثمن؛ خصوصاً في زمن التوحش والتوغل والمصادرة، حتى ولو كان هذا التجاوز باسم الدين من أصحاب اللحى والعمائم، وكم ضحت الشعوب وتضحي بما تملك للحصول على استقرارها وأمنها. ولكنها عندما تصبح تلك المطالب الأساسية للعيش في الأوطان ضريبة أو ثمناً في مقابل تخدير العقل أو الضغط على النفس، والانزواء عن شأن عموم الأمة الإسلامية، وإغماض الأعين عما يجري للمسلمين والعرب في كل مكان بالعالم، فإن هذا الخمول يصبح كالسرطان لا يعرف عن وجوده لا صاحبه، ولا مُعالجه إلا بعد قَدَرٍ ماضٍ!.لقد أطنب عدد من الشيوخ في التحذير من السفور الظاهر - وهذا شرع-، ولكنهم خجلوا من ذكر السفور الباطن وهو الأكثر خطورة، بل ربما داهن عدد منهم حتى لم يعد لوعظهم تأثير، ولا لقولهم موقع في العقول يُحترم.والسياسي المحنَّك أضحى بعد الفذلكة والمناورة التي تتطلبها الدبلوماسية السياسية، مُسفراً وبكل جراءة عن أخلاقياته في تمرير القتل والظلم، ورفع الصوت بالويل والثبور على من لم يفهم فهمه، ويتقبل فعله.إن لغة العتاب واللوم والكشف للجميع لن تتوقف لو كان الأمر مجرد متابعة استخباراتية، ومراقبة للمنافقين والغادرين، ولكن رغم كل ذلك، لا يزال الخطاب مفتوحاً للعقلاء والحكماء أن يصطفوا للواجبات الكبرى من الجميع للجميع.فالشعوب بعمومها يقظة ويدها في يد كل من يسعى لبناء نهضتها، وكرامتها، واستقرارها، وتحقيق هويتها.كما أنها ليست عاطفية لدرجة يستغلها مغرض أو يستغفلها ناقم على وضعها الآمن، ومشروعها الحضاري النافع.آن الأوان لتتشابك أيدي الجميع، وتتراص صفوفهم، وتتوحد كلمتهم، فيكفوا عن المراهقة السياسية، ويتعاونوا لبناء شعوب وأوطان موحدة لكل أبنائها وأطيافها بكل حب ورغبة صادقة وعقيدة راسخة.لا مجال في ظل متغيرات العصر اليوم للتخوين والعنف والشيطنة والفرعنة، بل الوقت والمجال فسيحان لكل من يراهن على الحكمة والموضوعية والمشترك بين الجميع بكل إخلاص وأمانة.وبكل صراحة، فإن كثيراً من الأنظمة تتخوف في ظل المتغيرات أكثر ما تتخوف مما يسمى (مغالطة) تيار الإسلام السياسي، وعليها – الأنظمة - إن أرادت الحق والعدل، أن ترى المسالم من هذا التيار ممن تركتهم يعملون بموجب الدستور والقانون، فتتفاهم معم على أطر العمل ومساحاته في مناخ مفتوح، وتجربة التاريخ المعاصر تؤكد نجاح ذلك، في حين تُفْرِزُ المتطرف والمتآمر، وتحاسبهم بموجب القانون الصارم، والقضاء العادل.وسوى أولئك، وهم الأغلبية - في كل الأوطان - ممن يعمل للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، ويبشِّر بحضارة المسلمين وقيمهم، ويعمل في سلك الخير والإغاثة، فعليها – الأنظمة - أن تحسن رعايتهم، وتسرع في كسبهم ومساندتهم، فهم لبلادهم أولاً وآخراً الدرع الحصينة، والكفيل - بإذن الله- من النقم والشرور، وبخيرهم وعطائهم تُستمطر الرحمات، وتُكفى الآفات.وفي المقابل فإن على هؤلاء - العاملين للإسلام - عدم اللجج السياسي، وحسن التواصل مع الجميع، والسعي الأكبر لمزيد من الوضوح والشفافية لخدمة البلاد والعباد.وبعدها يكون "ما على المحسنين من سبيل".