15 سبتمبر 2025
تسجيللا يمكنني أن أنسى تلك المحاضرة التي رأيت فيها من تيسير الله تبارك وتعالى وذلك في الجامع الكبير في الخرطوم والذي رتب بقدر من الله من غير سابق ترتيب منا كما أشرت في المقال السابق حيث قام بذلك أحد الحضور في المحاضرة حيث كنا خارجين من الدار السودانية لبيع الكتب وسأدع التفصيل في الحديث عنها لحلقة قادمة وقد أدركتنا الصلاة ونحن في الطريق فلاح لنا جامع كبير ذو طراز عثماني بناه الخديوي إسماعيل نزلنا في حوش المسجد وإذا بالناس قد أنهوا الصلاة فانزوينا جانبا وصلينا الظهر والعصر قصرا وجمعا وقابلنا رجلا بباب المسجد سلم علينا وبادرنا بالسؤال هل أنتم قادمون من مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام فأجبناه بأنا قد تلقينا العلم ودرسنا بها وبجامعتها الاسلامية ولله الحمد والمنة والعجيب أنه فاجأنا بأنه ومنذ خمسين عاما بهذا الجامع جزاه الله خيرا فطلب منه الأخ مازن المرافق لنا أن نقوم بزيارة إدارة المسجد وعرف بنفسه في الطريق إلينا بأنه اسمه الحاج خليفة وقد استقبلنا مدير إدارة الجامع وشرع في الحديث عن تاريخ الجامع حيث إنه قد بناه الخديوي إسماعيل بن القائد إبراهيم بن محمد علي باشا وبناه من اللبن والبناء بالطراز الحالي بني عام 1901هـ وقد مر بهذا الجامع كوكبة من أهل العلم منهم إمام الحرم الأقدم الشيخ عبد الله بن عبد الغني خياط إمام وخطيب المسجد الحرام رحمه الله حيث صلى وحاضر بهذا الجامع المبارك وقد اقترح الأخ مازن أن ألقي درسا بهذا الجامع فقال أحد الإداريين بالجامع إنه بالأمس حضر لي درسا وأثنى خيرا ورحب شكر لنا صنيعنا واتفقنا على موعد الدرس بعد صلاة العصر بإذن الله وقبيل الأذان انطلقنا من الفندق إلى المسجد وعند وصولنا استقبلنا أربعة من رجال الأمن وسألت عن مدى الحاجة إليهم فأخبروني بأنهم سيساعدون في حجز مكان لي بالجامع وبعد أداء تحية المسجد تقدم إمام الجامع ليصلي بنا وقد لفت نظرنا أن المؤذن كان يردد التكبير ويسمع خلف الإمام وقد ألقيت محاضرة عن تفسير سورة الفاتحة وكان الحضور متفاعلا جدا وكانت عاطفتهم جياشة حتى إن بعضهم أجهش بالكاء وختمنا بالدعاء وبعد المحاضرة تدافع المصلون للسلام والتوديع بالدعاء ولم أكد أدخل السيارة من الزحام إلا بشق الأنفس وكان البكاء من المحبين ويطلبون مني تبليغ السلام لأهل الحجاز وأهل قطر الطيبين.