15 سبتمبر 2025

تسجيل

صورة للوفاق البحريني المترسخ..السعودية وإيران يصنعان الحل

10 يوليو 2011

التقارب الخليجي الإيراني يساهم في احتواء الأزمات ويحقق الاستقرارفي مسجد قديم يجاور باب البحرين في وسط العاصمة المنامة كان المشهد مختلفا جدا عما تتناقله وكالات الأنباء العالمية والإذاعات المتنوعة عن مشهد الحياة اليومية في الجزيرة الصغيرة فقد دأب المصلون من كلا الطائفتين يعمرون المسجد بالصلاة وتلاوة القرآن الكريم ثم الحديث فيما بينهم بودية في عموميات الحياة اليومية بينما على الطرف الآخر تظل لعبة شد الحبل قائمة وبقوة بين الطائفتين وفقاً للمنظور الإعلامي والجهد السياسي القائم حيث ورش وجلسات حوار الوفاق الوطني الذي بدأ الأسبوع الماضي بمبادرة ملكية لصناعة توافق وطني على الرؤية السياسية في البلد ومستقبله بعد الأزمة الأخيرة التي تفاقمت إلى حد المواجهة وميول التصعيد ليس في البحرين فحسب بل في كل الخليج ومن كلتا ضفتيه. فالدول الخليجية الست دفعت بقوات درع الجزيرة إلى المنامة شداً لأزر حكومة البحرين في مهمة حفظ الأمن من خلال تأمين المواقع الرئيسة وتخوفاً من تدخل إيراني كان محتملاً حسب الرواية الخليجية الأمر الذي أقنع القوى العالمية بهذا الطرح وحدد دوافع الأحداث في الجانب الطائفي فقط. وتحت المجهر تكبر ملامح الصورة لتبدأ أحداث البحرين أكثر من مجرد مطالبات وطنية أو حقوقية عامة أو حتى خلاف طائفي على السلطة بحكم معادلة الأقلية والأكثرية في ديموغرافية الوطن الذي تلقى نسائم الربيع العربي دون مناعة وبرئة ممتلئة بالمحفزات الداخلية والخارجية للخلاف الواسع حتى بين الدول المحيطة التي تتنازع ريادة المنطقة والحضور الأقوى تأثيراً في مشهدها السياسي. وحيث تتكثف الآن لقاءات أطياف المجتمع البحريني حول طاولات حوار الوفاق الوطني بحثاً عن مخرج وطني للأزمة التي كشفت الكثير من النوايا والتحديات والتي قد تبدو عصية على أطروحات الحوار وأجنداته ومزاجية المتحاورين تبرز في الوسائل الإعلامية مغازلات سياسية بين قطبي المنطقة " السعودية وإيران " واللتين صنعت بينهما أحداث البحرين مواجهات خفية انعكست على حجم ومستوى العلاقات بشكل كبير مما يعيد إلى الأذهان تلك الأزمات التي سبقت تولي السيد خاتمي للسلطة الحكومية في إيران حيث حرب الخليج الأولى وحرب الناقلات وأحداث مواسم الحج والتي تجاوزت البلدان كل حيثياتها بالتواصل والحوار المباشر في عهد الرئيس خاتمي حيث فُعلت العلاقات إلى أرقى مستوى وسمح للشعبين بالتواصل والتجارة دون تحفظ إلا أن أحداث البحرين الأخيرة أعادت التوتر إلى العلاقات بشكل أكبر يفوق ما تسببه عادة الأزمات اللبنانية المتلاحقة بين البلدين. عموماً ينظر المتابعون إلى انفراج كبير في أزمة البحرين إذا ما كتب لتلك المغازلات السياسية بين السعودية وإيران أن تتحول إلى لقاء مباشر وموسع فقد أدركت البلدان حدود اللعبة وخطورتها في الوقت الراهن تحديداً فالبحرين ليست لبنان على العموم كما أن الحكومة الإيرانية قيمت شخوص اللعبة بشكل جدي يتجاوز مدلول الخطابات البينية المتبادلة من خلال استقراء المواقف الدولية والأمريكية تحديدا تجاه أحداث البحرين والتي ضحت فيها السعودية بخصوصية وحجم العلاقة التاريخية مع البيت الأبيض دافعة بقوات درع الجزيرة من خلال موقف خليجي موحد إلى المنامة وهو ما لم يكن للبيت الأبيض حسبانه سوى شأن خليجي خاص متجنبة الدخول أكثر في مقتضيات أزمة الدوار البحريني وتبعاته ومقتنعة بدور سعودي قوي وفعال في هذه المرحلة دفاعاً عن مصالح ذاتية وإقليمية ربما بحكم ميزان المصالح الأمريكية إلا أنه دور سعودي حضر متجاوزاً جملة من الامتعاضات والفروض تجاه قضية البحرين وهو ما برهن لإيران أيضا أن للمعادلة أبعادا قد تجرها لما لا تريد الآن في ظل أزمات داخلية وإمكانية العدوى من ظروف ربيع المنطقة فأطلقت مؤخرا حزمة الغزل المباشرة تجاه السعودية على لسان وزير خارجيتها السيد صالحي في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في كازاخستان وهو ما قوبل أيضاً من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بالرضا المتحفظ الذي يحدد هوية العلاقة وشكل الدور الإيراني في المنطقة. إذاً مشهد المصلين في المسجد البحريني الصغير وسط المنامة هو الحالة الأعم والأكثر رسوخا واستدامة حيث لابد للطائفتين من التعايش والتعاطي وأن ما يحدث في الخارج من أحداث هي مد لتجاذبات سياسية أكبر وأعمق بعيدة عن مضمون الدين وسماحته وقبول أطرافه لبعضهما لذلك لا بد من تقارب سعودي وخليجي عموما مع إيران لاحتواء الأزمة وسحب فتيل الاشتعال من المنطقة وإتاحة الفرصة للتلاقي والتواصل بشكل طبيعي وموجه لإدارة الأزمة بعيداً عن التوتر إلى العيش الممكن والمتسامح[email protected]