30 أكتوبر 2025

تسجيل

الحديث عن النساء

10 يونيو 2018

قوله سبحانه (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ) أي الجماع والتعبير بالرفث من أساليب القرآن العالية ومن كناياته اللطيفة ولا تجد في القرآن كلمة نابية أو خارجة عن حدود الأدب، مع أن القرآن عالج أدق المسائل في وصال الرجل بأهله، ومن تعبيرات القرآن: في سورة البقرة (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ). وفي سورة النساء (وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا). وفي آية الوضوء في النساء والمائدة (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ). وفي آية المحرمات في النساء (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا). وقال في الأعراف (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا). وإذا شئت أن تعرف عفة ألفاظ القرآن فتأمل سورة يوسف فمع أنها بسطت قصة مراودة امرأة لرجل وصورت خطرات النفس الأمارة في أدق المواقف وأشدها حرجا؛ مع هذا كله، فإنك لا تجد في هذه السورة شيئا من الحديث المسف والكلمات المكشوفة التي لا تليق أدبا، وتأمل في آيات السورة وكلمات القصة: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ) (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ) (هَيْتَ لَكَ) (هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) (السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) (مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا) (رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) (تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ) (قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا) (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ) (أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ) (أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) (رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ) (أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ). إنها البلاغة القرآنية، والعفة في المفردات مع منتهى الوقار والحشمة، في سياق تعليمي تربوي، عبادي توجيهي عام، غير خادش للحياء. إنها رسائل إلينا تعلمنا الأدب الجميل الذي ينبغي أن يتحلى به الأفراد وتتزين به المجالس ولا تتجاوزه البرامج والأفلام والمسلسلات والإعلانات والحياة بشكل عام. ورضي الله عنك يا أبا سفيان حينما أخبرت (قبل دخولك الإسلام) هرقل بما يأمر به رسول الله صل الله عليه وسلم: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ‏).