15 سبتمبر 2025

تسجيل

محمد نبي الرحمة والتراحم

10 يونيو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); رسول الله صلى الله عليه وسلًم هو قدوتنا في جميع الأمور. وقد امتدحه ربه عز وجل في كتابه الكريم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم:4]. وأعلن النبي صلى الله عليه وسلم أن رسالته جاءت لبناء الصرح الأخلاقي للإنسانية وتكميله، فقال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" . وقد شكلت شخصية محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان الذي اكتملت فيه كل الأخلاق الحميدة، وانتفت منه كل الأخلاق الذميمة، ولذلك خاطبنا الله سبحانه وتعالى بقوله: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [الأحزاب: 21]. والمطّلع على سيرته صلى الله عليه وسلم يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية قلما تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة تقتدي بها، وهي تتلمس طريقها نحو عالم أكمل وأمثل، وحياة فُضلى. ومن الطبيعي ألا تجد الإنسانية مثلها الأعلى في شخصيات وهمية، وإلا فهي تضلّ طريقها المستقيم، وتسير مقتدية بالخيال والأوهام، فمن حقنا إذاً أن نتخذ من سيرته نموذجاً لسلوكنا في حياتنا. وتكشف حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمامنا المثل الأعلى في جميع أحوال الحياة؛ في السلم والحرب، في الحياة الزوجية، مع الأهل والأصحاب، في الإدارة والحكم والسياسة، في البلاغ والبيان، بل في كل أوجه الحياة. فمحمد صلى الله عليه وسلم هو المثل الكامل. ولن تجد الإنسانية في غيره مثلاً حياً لها؛ فسيرة محمد صلى الله عليه وسلم حقيقة تاريخية، يصدّقها التاريخ الصحيح ولا يتنكر لها، وهي سيرة جامعة محيطة بجميع أطوار الحياة وأحوالها وشؤونها، كما أنها سيرة متسلسلة لا تنقص شيئاً من حلقات الحياة، وهي أيضاً سيرة عملية قابلة للتطبيق، ذلك أن ما كان يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن والحديث كان يحققه بسيرته أولاً، وهذا ما شهد به معاصروه، إذ قالت أمنا عائشة رضي الله عنها وقد سئلت عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن" .وفي مقالنا هذا، نحاول أن نتكلم عن خلق عظيم من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، ألا وهو خلق الرحمة. ذلك أن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بُعدٌ مهم في شخصيته، وفي دعوته، ومن صميم شخصيته رسولاً ونبياً ومبلغاً عن ربه، وهادياً للناس. وحينما نقرأ قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) [الأنبياء: 107] ونقف أمام الآية، ندرك سعة رحمة هذا النبي الكريم، وكيف كان صلى الله عليه وسلم يفيض رحمة في خلقه وسلوكه وأدبه وشمائله. لقد أرسله الله تعالى رحمة للعالمين.. رحمة شاملة للوجود بأجمعه. يستطيع المؤمنون الاستفادة من الرحمة التي كان يمثلها النبي - صلى الله عليه وسلم- ذلك لأنه (بالمؤمنين روؤف رحيم)، ويستطيع غير المؤمنين أيضاً - إلى جانب المؤمنين - الاستفادة من هذه الرحمة كذلك. فعندما قيل له: ادع على المشركين، قال صلى الله عليه وسلم: "إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بُعثت رحمة" .كما أن رحمته شملت أسرته وأمته وأصحابه، فقد كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته، من طيب كلامه، وحُسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم قبل غضبه، بل إنه في الحرب كان يقاتل بشجاعة، ولكنه أيضاً كان صاحب شفقة عظيمة، كان سياسياً، ولكنه في الوقت نفسه صاحب مروءة كبيرة وقلب كبير. هذا هو محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه رحمته التي شملت كل الناس، واستمرت دستوراً هادياً إلى أن تقوم الساعة.