14 سبتمبر 2025

تسجيل

شهر التقوى والمغفرة

10 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن مما اختص الله به شهر رمضان أن جعله شهر الصيام، الصيام عن كلّ ما يشد المسلم إلى إشباع غرائزه الحسية والمادية لوقت معلوم، قال الله تعالى في (سورة البقرة – الآية 183): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون".فالصيام (الحسّي) يروّض به المؤمن شهوات البطن والفرج، وسائر أعضاء البدن من سمع وبصر وشمّ وحسّ، لتحقيق عبودية المخلوق للخالق في كل جوانب خَلقِه، وتفصيلات صُنعه.والصيام (النفسيّ) يرتقي من خلاله المسلم في مدارج الصالحين، فتخبوا الشهوات، وتضعف النزوات، فيصحوا من غفلته، ويستدرك ما فات، ويستشرف ما هو آت.وفي ضوء كل ذلك وغيره، نفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لو علمت أمتي ما في رمضان من خير لتمنّت أن تكون السنة كلها رمضان"، كما نفهم الأبعاد الصحية في قوله عليه الصلاة والسلام: "صوموا تصحوا" عن أبي هريرة.وندرك الأبعاد الوقائية في قوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له جاء"، برواية البخاري ومسلم.ما أحوج الإنسان المؤمن إلى الزاد، والتأهب ليوم المعاد، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا، والأمر يومئذ لله.ومن فضائل شهر الصيام أنه يعين على البر والتقوى، والتحلي بهما، فالتقوى ثمرة مجاهدة النفس وتزكيتها، وحالة من حالات الامتثال لأمر الله تعالى وطاعته، واجتناب نواهيه، مصداقاً لقوله تعالى في (سورة البقرة- الآية 183): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".فالمتقون هم المعنيون بالخروج من كل ضيق، والخلاص من كل عسر، مصداقاً لقوله تعالى في (سورة الطلاق –الآية 2-3): "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ".والمتقون هم المعنيون بصلاح الحال وراحة البال ويسر الأعمال، وهم المزودون بأسباب السعادة في الدنيا والآخرة، وهم الفائزون بنعيم الآخرة، وهم المعنيون بعشرات الآيات القرآنية التي تصف حالهم ومقامهم الكريم يوم القيامة، مصداقاً لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (سورة الأحزاب- الآيات 70 و71).فإذا كان الصوم مدرسة للتقوى، والتقوى طريقاً إلى الآخرة، فرمضان أيضا شهر المغفرة والتوبة، فإقبال المسلم على الله في هذا الشهر، ومجانبته لأهوائه، ومجاهدته لنفسه، وإضعافه لعوامل الشر، وتقوية عوامل الخير، يجعل باب التوبة مفتوحاً على مصراعيه، لا يحتاج الصائم فيها إلى عناء كبير ليبلغ الظّهر المنشود والغفران المقصود.وبحسب الترتيب الزماني، تأتي المغفرة في العشر الوسطى من رمضان مشفعة برحمة العشر الأوائل، طامعة بالعتق من النار في العشر الأواخر.. مشدودة إلى الخطاب النبوي: "أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء. فينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته. فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله" رواه الطبراني.والخطاب النبوي يؤكد أن الغفران محقّق في رمضان في حال تحققت شروط الصوم، فقال عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، رواه ابن خزيمة في صحيحه.. يتبع.