27 أكتوبر 2025
تسجيلعرف الناس مصطفى صادق الرافعي أول ماعرفوه شاعراً، وبعد أن أصدر مجموعة من الشعر لابأس بها. انصرف إلى النثر، ولكنه لم يهجر الشعر، ففي كل كتبه النثرية (غير تاريخ آداب العرب ) شعر له، وإن اختلف كثرة وقلة والرافعي قال الشعر المعتاد، ودرس شعر غيره، وحقق الشعر، وكتب نثراً فيه روح الشعر، فهو- في الواقع- لم يبعد عن الشعر ولم ينأ عنه. فأما التربية والتهذيب فأمره عجب لأننا لو راجعنا دواوين شعراء عصره، لوجدناها خلواً من مثل ذلك، فليس الشاعر البارودي، ولا عبد المحسن الكاظمي ولا أحمد نسيم ولا أحمد الكاشف، ولا الغاياتي، ولا حافظ إبراهيم.. ومعنى هذا أن الرافعي لم يقلد أحدا، ولم يسر على هدي أحد.ومن الغريب أنه اهتم بالطفل، وتربيته، وتوجيهه، وحمله على معالي الأخلاق بتحبيبه فيها. تأمل هذه الأبيات: لكل فتى من الدنيا كمال فما نقص الورى إلا الفعالومن لم يرشدوه في صباه تحكم في شبيبته للضلال وما قلب الصغير سوى كتاب تسطر في صحائفه الخلال فكم رجلا ترى فيه صبيا وكم من صبية، وهم رجالفهذا الاهتمام بالقيم والاعتماد على النفس، أمر جديد في الدواوين التي تضع في صدرها قصائد المديح، أو الوطن. والرافعي يحبب الصغار في المدرسة، ويتغنى بأيام الدراسة، ويقول شعراً يفيض عذوبة، ويقترب من وجدان الصغير وقلب الكبير. تأمل هذة القصيدة وعنوانها ( زمن الدراسة ): زمن كالربيع حل وزالا ليت أيامه خلقن طوالا يحسب الطفل أنه زمن الهم، وما الهم يعرف الأطفالا يا بني الدرس من تمنى الليالي كلياليكم تمنى المحالا ليلة بعد ليلة بعد أخرى وليالي الهنا تمر عجالا رِ الصغار من مغبة الكسل والجنوح للهو، وإنفاق الوقت في ثم ينفِّ العبث. إسمع لهذه الأبيات: غير أن الكسول في كل يوم يجد اليوم كله أهوالا ويرى الكتب والدفاتر والأقلام، وأوراق درسه أحمالا واذا ما مشى إلى قاعة الدرس ذراعا، يظنه أميالا ومن يقم في الأمور بالجد يهنا والشقا للذين قاموا كسالى وزمن الدروس أضيق من أن يجد الخاملون فيه مجالا