16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); انتهت أول أمس الانتخابات التشريعية التركية، وكانت النتائج الرسمية تفيد بفوز حزب العدالة والتنمية بنسبة مايقرب من 41 بالمائة من الاصوات ما يعادل 259 مقعدا، وجاء في المركز الثاني حزب الشعب الجمهوري بـ 132 مقعدا، فيما حلت الحركة القومية في المرتبة الثالثة بـ 80 مقعدا وحزب الشعوب الديمقراطي بـ80 مقعدا.وهذه النتيجة لا تمثل النسبة التي كان يطمح لها الرئيس التركي طيب اردوغان والتي يسعى من خلال الاغلبية فيها الى تعديل الدستور حتى يتمكن من الحصول على المزيد من الحقوق السياسية كرئيس للجمهورية، وبهذه النتائج تصبح هناك معضلة أمام حزب العدالة والتنمية في اتمام مسيرة الانجازات والنجاحات التي أحدثها هذا الحزب منذ توليه الحكومة 2002 وحتى الآن.ولو تتبعنا بعض الإنجازات التي قام بها حزب العدالة والتنمية لوجدنا الكثير من الامور التي تستدعي التوقف عندها، حيث عمل الكثير ونقل الدولة التركية الى مصاف الدول المتقدمة ولنلق نظرة بسيطة على هذه الانجازات، حيث بدأت عجلة النمو والنهضة في الدوران لتصبح تركيا في قائمة الدول التي حققت اكبر نسب للنمو في العالم وتربعت تركيا بسكانها الثلاثة والسبعين مليون نسمة على المرتبة السابعة عشرة في الاقتصاد العالمي بعد ان كانت في المرتبة 111 عالميا، كما حققت الصادرات التركية في عام 2011 رقما قياسيا بلغ مائة وثلاثة وخمسين مليار دولار بعد ان كانت في عام 2002 لا تتعدى الـ 23 ونصف مليار وقد اظهرت الارقام الصادرة عن صندوق النقد الدولى وصول الناتج المحلى الاجمالي في تركيا الى نحو ثلاثة ارباع تريليون دولار. وعمدت تركيا على توسيع أسواق الصادرات لتصل صادراتها الى مائة وتسعين دولة حول العالم من اصل 192 دولة عضوا بالامم المتحدة ولم تكتف بتحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الزراعة بل اصبحت تركيا الدولة السابعة عالميا في تصدير المنتجات الزراعية بكافة انواعها.وأدت هذه النتائج الاقتصادية القياسية الى ارتفاع معدل دخل الفرد في تركيا الى عشرة آلاف وخمسمائة دولار سنويا بعد ان كان لا يتعدى الثلاثة آلاف دولار.وتمكنت تركيا من خفض عجز ميزانية الدولة الى صفر بالمائة، بعد ان كانت تشكل 12 بالمائة من الدخل القومي، وقد قامت حكومة حزب العدالة بمكافحة التضخم وتم تحقيق ماكان يعتبر شبه مستحيل بخفض النسبة من 55 بالمائة الى اقل من 10 بالمائة، ومازال الهدف ان تصل الى نسبة الـ 5 بالمائة. وكان أردوغان فخورا بما وصلت اليه تركيا في عهده من نهضة وتطور وكان كثيرا ما يردد ان تركيا صنعت أول دبابة وأول فرقاطة وأول طائرة بدون طيار وأول قمر صناعي عسكري، وقال في تسع سنوات انشأنا 89 مدرسة جديدة و510 مستشفيات وبنينا 169 الف غرفة صف ليكون عدد الطلاب في الصف لا يزيد على 21 طالبا ليشير ذلك الى الاهتمام بجودة التعليم والخدمات الأخرى ولا يغيب عن البال ما حققته دول اخرى من نمو ولكن على حساب الجودة والكفاءة.وبهذه الانجازات والقفزات الكبيرة لتركيا خلقت لها اعداء، بحيث اصبحت تعتمد على نفسها في كل مناحى الحياة، وهذا سبب لها الكثير من المشاكل في العلاقات الدولية، إذ ان العالم اليوم يكاد لا يطيق الدول التي تملك قرارها ومدعومة بواقع اقتصادي يجعلها خارج نطاق التأثير والتبعية والإذعان الى مطالب الاقوياء.كما ان مواقف تركيا من المنطقة كان لها الدور البارز في اعادة احياء العلاقات التركية العربية والتي مرت بفترة من الركود بسبب التوجه العلماني التركي، حيث ان موقف تركيا الايجابي من الحرب بسوريا ودعمها الشعب السوري لنيل حريته واقامة دولته على اساس العدل والمساواة، بالاضافة الى دعمها المباشر لدول مجلس التعاون وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ووقوفها الى جانبهم في عاصفة الحزم.وقد استند التقارب التركي مع عدد من الدول العربية والتيارات السياسية في المنطقة الى مواقفها المؤيدة للشعوب العربية في قضاياها، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بالاضافة الى مواقفها القوية المناهضة للتمدد الايراني في المنطقة.ان تركيا اليوم ليست تركيا الامس ومبادراتها الكثيرة ومواقفها الحازمة من مشاكل المنطقة تعطيها دورا محوريا ورئيسيا في المنطقة، وهذا ما سبب تحديا لدول مثل اسرائيل وايران وغيرهما من الدول التي ترفض السياسات التركية.إن هذه الانتخابات التي جرت ليست النهاية بالنسبة للرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية، فما هو قادم اكبر والتحديات خير دليل على استمرارية هذا الحزب على نهجه السياسي الذي احدث دويا في العالم العربي وأوروبا، ومن هنا ارى أن ماحدث في الانتخابات يعتبر بداية المعركة لاردوغان ليبرهن للشعب التركي أنه قادر على صنع المستحيل وقيادة دفة امور البلاد الى المزيد من التنمية والرقي والتطور الذي ينشده ويتمناه كل مواطن تركي.