14 سبتمبر 2025

تسجيل

العرب.. والقابلية للاستعباد !!

10 يونيو 2014

الحديث عن هذا الموضوع لا يكفيه مقال واحد؛ ولا حتى مجموعة مقالات، والخلاف حوله يطول؛ فمن قائل: إن العرب بعد دخولهم الإسلام أصبحوا عصيين على الاستعباد وهناك شواهد كثيرة على هذا القول، وهناك من يقول: إن العرب جُبلوا على العبودية في جاهليتهم وبعد إسلامهم، وأيضا هناك من يورد شواهد على هذا القول، وكما قلت: فإن مناقشة كل تلك الأقوال أمر يطول ولا يتسع له هذا المقال، ولكن واقع العرب -قديمه وحديثه- يؤكد أن فيهم من يستلذ العبودية وإن كان تاريخهم الحديث يدلل على أن كثيرا من قادتهم هم من ساهم بشكل فعال في فرض العبودية عليهم خاصة للغرب تارة وللأمريكان تارة أخرى وللروس تارة ثالثة.ساد العرب - بعد إسلامهم - على معظم أرجاء العالم، وانتشرت ثقافتهم في معظم أصقاع المعمورة، وتقبلتها معظم شعوب العالم آنذاك لأنها كانت تمثل قمة الحضارة البشرية، كما أقبل الغربيون على تعلم لغة العرب وثقافتهم، ودرسوا علومهم وطوروا بها بلادهم وفي شتى الفنون والعلوم. ودارت الأيام، وانشغل كبار القوم وقادة البلاد باللهو والفجور، فاستطاع عدوهم النيل منهم، لكنه لم يتمكن منهم إلا بمساعدة بعض ضعاف النفوس من المسلمين، وهنا بدأت ظاهرة العبودية للمستعمر تبرز في المجتمع الإسلامي شيئا فشيئا، وزادت هذه الظاهرة بروزا مع توسع الاحتلال في العصر الحديث للبلاد العربية، ثم رأيناها تتوسع أكثر بعد خروج المستعمر حيث حمل راية العبودية بعض الحكام والمثقفين والتجار، بحيث أصبح بعض المستعمرين يحكمون عن بعد، ثم برزت أمريكا بعد ذلك وحملت لواء الاستعباد بجدارة، ووجدت ترحيبا كبيرا ومن قطاعات متعددة من الشعوب ومن بعض حكامهم أيضا، ولا تزال تمارس هذا الدور، وما زال محبو الاستعباد يصفقون لها!!!دولة قطر أقامت عدة منتديات تحت عنوان: (أمريكا والعالم الإسلامي)، وكان آخرها الذي عقد مابين ٩ - ١١ من هذا الشهر، وتهدف هذه المؤتمرات بحسب القائمين عليها إلى (دعم الحوار السنوي وتعزيز فرص التعاون بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وإبراز الوجه المشرق للإسلام والمسلمين، وتحسين الصورة المشوهة في الغرب، وتأسيس علاقة إيجابية بين العالم الإسلامي وبين الحكومات والشعوب)، ويأتي السؤال هنا: هل يجهل قادة أمريكا وصانعو القرار فيها الوضع الحقيقي للإسلام والمسلمين أم أنهم يعرفونه جيدا ولذلك يقفون في وجه أي تقدم حقيقي للمسلمين كما يقفون في الوقت نفسه ضد الإسلام الوسطي كما جاء به الإسلام؟! وهل حروبهم الظاهرة أحيانا والخفية أحيانا أخرى على المسلمين سببها جهلهم بالإسلام أم رغبتهم في عدم بروزه مرة أخرى خوفا من عودة الإمبراطورية الإسلامية كما يقولون؟! إن حرب الأمريكان على العراق لم تكن من أجل سلاحه النووي فهم كانوا يعرفون أن هذا السلاح غير موجود أصلا، ولو أنه كان موجودا لسلمه صدام لهم دون حرب كما فعل شبيهه بشار الأسد لكنهم شنوا تلك الحرب كيدا للإسلام وأهله ولا مجال للحديث المفصل عن هذا الموضوع، ومما يؤكد ذلك أنهم أنشأوا سفارتهم في العراق فكانت أكبر سفاراتهم في العالم!! إنها ليست سفارة بل مدينة صغيرة كلفت أكثر من مليار دولار وينفقون عليها سنويا مثل هذا المبلغ، ومن يفعل ذلك فلن يغادر العراق أبداً مهما قيل غير ذلك!! وفي احتلالهم للعراق برزت العبودية العربية في أسوأ صورها من داخل العراق ومن خارجه أيضا، وكما هو معروف فإن روائح العبودية وعفنها لا يزال يزكم الأنوف هناك!!مجموعة ليست قليلة من مدعي الثقافة في عالمنا العربي يمثلون تلك العبودية بامتياز، فهم لم يكتفوا بعبوديتهم بل يقاتلون من نشرها في مجتمعاتهم!! الحوار مع أمريكا ومع الغرب والشرق أمر في غاية الأهمية، ولكن هذا الحوار ينبغي أن يكون مع الشعوب وباستمرار أيضا، لأن تلك الشعوب لا تعرف كثيرا عن الإسلام، بل إن قادتها وإعلامها يقدمون لها الإسلام في صورة مشوهة كاذبة وقد رأينا نماذج كثيرة من هذا النوع وفي أكثر من بلد غربي، وللحقيقة فإن أمريكا من أقلها تشويها للإسلام في أجهزة إعلامها لكنها الأكثر حرصا على كبت أي تطلع للمسلمين للاستقلال عن عبوديتها وطاعتها، وتنفيذ أجندتها!!الشعب الأمريكي من الشعوب الطيبة وهو شعب قابل للحوار والتفاهم بل والتعاطف مع القضايا الإسلامية في كثير من الأحوال خاصة إذا عرف الحقيقة بدون غبش أو زيف، ولهذا فإن توجيه الاهتمام له هو الذي سيؤتي بثمار جيدة وحبذا لو يدرك القائمون على الحوار الذي تشرف عليه قطر أو الحوارات الأخرى التي تهتم بها دول أخرى خاصة المملكة العربية السعودية هذه الناحية ليتم التركيز عليها بدلا من محاورة المسؤولين الحكوميين ومن في حكمهم، وليت الحوارات تتم في أجواء صحية بعيدة عن المجاملات التي تضر بأهداف أي حوار جاد كي تتحقق الفوائد المتوخاة من تلك الحوارات.. وما دمنا نتحاور مع أمريكا فليت المتحاورين يستطيعون إقناعها بأن لا تتهم عمل المسلمين الخيري بالإرهاب وأيضا تبتعد عن اتهام دعاتهم وجمعياتهم بالإرهاب، كما تترك المسلمين يبنون بلادهم كما يشاؤون فهم أعرف بأنفسهم منها..