01 نوفمبر 2025

تسجيل

دخلاء الداخل!

10 مايو 2022

نعود لكم مجدداً بعد انقطاع قصير، ولا يزال محور الثقافة مستمراً. فعلى الرغم من ان التعاريف المختلفة للثقافة تقدم المساحة الكبيرة للانتماء والتطبع بالنسق الأنسب بحسب الظروف المحيطة والابداع المكنون. إلا أنه لا تزال الثقافة كمفهوم من أصعب المصطلحات من وجهة نظري من حيث تطبيقها على أرض الواقع من دون أن يكون فيها انحياز أو ميول نحو المحيط الذي لا تستطيع الخروج منه. وعلى الرغم من عمومية المفهوم وشموليته، لا يزال تحديد المشروع المستدام فيه أمراً ليس بالهين، خاصة وعندما يكون المشروع رسم معايير الهوية الثقافية، هوية الانتماء وهوية التعبير وهوية اللغة وهوية الابداع، لدرجة أن من الممكن أن تتغافل تلك المعايير للتعددية الثقافية والتي هي من نفس الهوية، لينتهي الأمر بعزلة الثقافة وعنصريتها ضد نفسها حتى! وهذا ما يقلق، على الأقل على المستوى الافتراضي وفي منصة تويتر خاصة، أن تبث العنصرية من الداخل من دون الأخذ بعين الاعتبار معايير بناء الهوية المتجانسة والمبنية وفقا لتعدديات مختلفة. ودعنا نكون أكثر واقعية بمستوى الاختلافات الثقافية، فإن لم تكن على مستوى هوية عمومية، تظل تجد الاختلافات في الدوائر الأصغر، من المنزل على سبيل المثال بين أفراد الأسرة وتنوع ذائقتهم الثقافية المتضاربة أحيانا كثيرة. إذاً لا بد من الإقرار بأن الإشكالية تجاه التمييز العنصري الثقافي قد تأتي من الداخل أولاً، ومن هم في الداخل يواجهون اللا منطق في مستوى ابداء الرأي عن العنصرية ضد ما يشعرون عن الآخر بأن غير منتمٍ لهم، ولدائرتهم. حيث يظل في دوامة التضارب في الرأي والنفاق في مسألة التعبير عن روح الانتماء تارة، وعن من يطلق عليه بالدخيل تارة أخرى. من هو الآخر بالنسبة له في مناسبات، ونفس الآخر قد يتقبله في مناسبات أخرى! ولا تزال دوامة التمييز العنصري على المستوى الثقافي مستمرة ولكنها نقيضة نفسها، وأعتقد ان مستوى التناقض يأتي بسبب عدم الثبات في تحديد صفات الهوية التي تحدد الخصائص والتي تنطبق على التعددية الثقافية بشكل سليم وأكثر انفتاحاً على المبدأ اولاً، وعلى مستويات الانتماء ثانياً. خلاصة القول، بأن التناقض الفكري في الخطاب يؤدي إلى ضياع تحديد هوية الانتماء المدنية والتي من المفترض أن تكون أكثر من ماذا تلبس وماذا تأكل، بل تتجاوز الظاهر وتضم الآخر بالمعايير المدنية والتعددية الثقافية تحت مظلة الهوية الواحدة. لا تكونوا أنتم أنفسكم دخلاء الداخل، فالتمييز العنصري لا يأتي إلا من مستوى النزاع الفكري والصراع مع نقيضك، الذي هو أنت.