10 سبتمبر 2025

تسجيل

الأمن والاستقرار في الصومال

10 مايو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما يكون موكب مدرّع هو وسيلة النقل المفضلة في شوارع عاصمة البلد، فذلك مؤشر غير جيد.وحين تنقلت على الشوارع الوعرة في مقديشو، وعبرت الواحد تلو الآخر من المباني المدمرة التي بهتت ألوانها في الشمس، شعرت بمدى الدمار الذي تسببت به سنوات طويلة من الاضطرابات في الصومال.ومع ذلك، فإن استطاعتي زيارة مقديشو أصلا – حيث العلم البريطاني يرفرف اليوم فوق السفارة البريطانية – هو أمر رائع بحد ذاته.حيث، بغض النظر عن وزراء الخارجية البريطانيين، لم تتمكن حكومة الصومال الرسمية من زيارة عاصمتها – أو حتى بلدها – لسنوات طويلة. فقد كان مجلس الوزراء والرئيس الصومالي عالقين في نيروبي، يعقدون اجتماعات لا نهاية لها بشأن بلد لم يكن باستطاعتهم دخوله، ناهيك عن حكمه. وفي غيابهم، تُركت مقديشو لأمراء الحرب والإسلاميين ليعيشوا فيها فسادا ودمارا، حيث أحالوا جاداتها العريضة ذات الطراز المعماري الإيطالي المميز إلى أنقاض.وفي النهاية استطاع إرهابيو جماعة الشباب – جناح تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا – السيطرة على أغلب مناطق جنوب الصومال، وفرضوا نموذجهم الوحشي في الحكم، بحيث أصبحت الصومال، حسب قول زعيم صومالي، "تشكل خطرا على نفسها وعلى جيرانها وعلى المنطقة، بل وعلى العالم أجمع".لكن اليوم تغيّر كل ذلك. فقد استطاع جنود أفارقة شجعان حشدتهم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال – بعثة أميسوم – قلب التيار ضد الشباب، وإخراج هؤلاء الإرهابيين من مقديشو وتحرير آلاف الأميال المربعة من أراضي الصومال.وبالتالي استطاعت الحكومة الرسمية العودة إلى الصومال وبدء المهام الشاقة لإعادة بناء بلد من لا شيء. وفي 2013 أعدنا فتح السفارة البريطانية هناك، وأرسلنا دبلوماسيينا للمساعدة في قيادة الجهود الدولية التي أتاحت للصومال النهوض من الرماد.وفي فبراير من السنة الحالية وصلت الصومال إلى مرحلة بارزة من التطورات حين تولّى الرئيس فارماجو مهام منصبه في مقديشو بعد نقل سلمي للسلطة.بعد عقود من إراقة الدماء والفوضى، تعتبر تلك قصة هائلة لتعافي البلد. لكن مازال هناك الكثير مما يتوجب عمله.لهذا السبب سوف أشارك في ترؤس مؤتمر في لندن يوم 11 مايو يهدف إلى البناء على التقدم الذي تحقق في الصومال وكلّف كل هذه الخسائر.لقد تحملت قوات بعثة أميسوم حتى الآن وطأة القتال ضد جماعة الشباب، حيث شنت هذه الحملة بفضل تدريب ودعم من بريطانيا وغيرها من دول الغرب. وحين زرت مقديشو، تشرفت بلقاء جنود بريطانيين يساعدون في تطوير مهارات نظرائهم من قوات بعثة أميسوم.لكن ليس باستطاعة الصومال الاعتماد إلى الأبد على مساعدة من الخارج: بل من الضروري أن تتولى قواتها مسؤولية أمن البلاد.وبالتالي من بين أولوياتي في مؤتمر لندن التوصل لاتفاق أمني. ما أريده، بكل بساطة، هو التوصل لصفقة بحيث يُجري قادة الصومال إصلاحات أمنية حيوية – بما في ذلك وضع خطة واضحة لتشكيل جيش وطني – في مقابل الحصول على مزيد من المساعدة والتدريب من المجتمع الدولي. وعندئذ تتولى القوات الصومالية المهام من حلفائها في بعثة أميسوم، حين تسمح الظروف بذلك.هذا يتطلب التوصل لاتفاقات سياسية بعيدة النظر، بما فيها توزيع الصلاحيات ما بين الحكومة المركزية والأقاليم الفيدرالية في الصومال. وهدفنا في النهاية هو أن تجري الصومال انتخابات في عام 2021 تقوم على مبدأ "ناخب واحد، صوت واحد".لكن هناك كارثة محتملة تلوح بظلالها على كل هذه المهام. حيث تعاني الصومال حاليا من جفاف فظيع تسبب بالجوع والصعوبات المعيشية التي يعاني منها ملايين الصوماليين.وبينما أكتب مقالي هذا، بلغ عدد الصوماليين الذين بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة ستة ملايين – وهناك خطر كبير بحدوث مجاعة. وعلينا ألا ننسى بأن المجاعة السابقة التي أصابت الصومال كانت في سنة 2011، حيث قضى فيها نحو 260,000 شخص.لكن إن عملنا سريعا وبحزم، مازال بالإمكان تفادي وقوع كارثة. وبريطانيا في طليعة جهود توفير الغذاء والماء والأدوية لأكثر من مليون شخص في الصومال.لقد شاهدت بنفسي، خلال زيارتي إلى مقديشو، كيف أن باستطاعة خلية متخصصة من الأمم المتحدة أن تتوقع بدقة أي المناطق سوف تواجه أكبر نقص في الغذاء. وبالتالي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي العمل لأجل تقديم المساعدة التي تحتاجها الصومال. كما إن على قادة الصومال القيام بدورهم بضمان استطاعة منظمات الإغاثة توزيع الغذاء على من أصابهم الجوع – أينما كانوا – بأمان ودون أي عراقيل.تحسين الوضع الأمني، وتوزيع الصلاحيات بين الحكومة المركزية والأقاليم، وتجنب حدوث مجاعة أخرى – هذه كلها تحديات صعبة. ومن هنا تأتي أهمية مؤتمر لندن في الأسبوع الحالي. والتحديات في الصومال كبيرة جدا، وبالتالي لا يسعنا أن نفشل.