17 سبتمبر 2025

تسجيل

بحور من التاريخ

10 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كنت أدرك يقينًا أن مقالي المعنون "كتابة التاريخ"، ونشر بهذه الزاوية الأسبوع الماضي سيثير جدلًا في أوساط المؤرخين على وجه الخصوص، لما يمثله التاريخ من أهمية كبيرة، تكمن في حفظ هوية الشعوب والأمم. هذا الجدل عكسته الرسائل التي تلقيتها، ما بين معارض للعنوان والمضمون، وما بين مؤيد تتطابق وجهة نظره مع ما تم طرحه عبر هذه الزاوية. ولكون هذه المساحة ليست حكرًا على الكاتب، وأنها ملك لجميع القراء يدلون فيه بدلوهم ما بين مؤيد ومعارض، فإن هذه الزاوية تفتح المجال للنقاش والحوار، إذ أن منتجا صحفيا على هذا النحو يستهدف بالأساس المتلقي، والذي تتوجه إليه وسائل وأجهزة الإعلام عمومًا.وما تلقيته جميعًا يستحق النشر والاهتمام، بل والتداخل معه، سلبًا أو إيجابًا، غير أن التاريخ أشبه بالبحر الذي تتلاطم أمواجه، فيصعب حصرها، ولا يمكن بحال أن ترصده كلمات معدودة في هذه الزاوية. وربما كان تعقيب د. علي عفيفي علي غازي، مدير تحرير مجلة "رواق"، التي يصدرها مركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية، يلخص ما تلقيته من رسائل، وكان لافتًا فيها اعتراضه على العنوان بالأساس، كونه يرى أن الأدق هو "قراءة التاريخ" وليس كتابته. غير أنه وقبل الشروع في عرض تعقيبه، فإنه بالتفتيش فيمن ذهب إلى الحديث عن "كتابة التاريخ"، كثيرون من القدماء والمحدثين، على نحو ما حملته مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1962، من مقال بعنوان "أساليب كتابة التاريخ عند العرب"، مذيلًا بتوقيع محمد شفيق غربال. كما كتب كل من الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض والأستاذ سعد الصويان، وغيرهما عناوين بنفس الاسم. وتجاوزًا لجدل العنوان، والذي أثاره د.عفيفي، فقد رأى أن "من يكتب التاريخ هم من صنعوه، وما دور المؤرخين إلا قراءة أو إعادة قراءة التاريخ، وفق ما يستجد من شواهد أو وثائق أو دلائل تدعو إلى إعادة النظر في الحدث التاريخي، وتؤثر أيديولوجيا المؤرخ في إعادة قراءته". وبعد استشهاده بسياقات تاريخية. ذكر أن "التاريخ ليس إلا التحقيق، ولا تقتصر مهمة المؤرخ على جمع الوثائق والمصادر التاريخية، وإنما التحقق من صحتها وصحة ما جاء بها من آراء وأحداث وتطورات برغم أن تزوير وثائق بأكملها أو جزء منها من الأمور المعتادة".وعدّد د.عفيفي لمواصفات المؤرخ، ومنها الأمانة العلمية، والالتزام بالحياد، ويتيح الفرصة لغيره ممن يعارضه في إبداء رأيه ووجهة نظره، وأن يمتلك ملكة النقد، وعقلًا واعيًا، بجانب الالتزام بمنهج البحث التاريخي.وإذا كان تعقيب على هذا النحو، فإن دائرة الخلاف تضيق معه إلى أبعد حد، باستثناء العنوان، ليبقى التأكيد على أنه في الوقت الذي تتعرض فيه السير التاريخية للتزوير والتزييف، فإن هناك من يحمونها، ويسعون إلى جادة الصواب، وناصية القول فيما يحمله التاريخ من أحداث وسير ووقائع.