17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أحداث كثيرة مرت بلبنان منذ العام 2008. فإلى جانب مآسيه الكثيرة ومشاكله التي لاتنتهي، يواصل الغرق بوحول الأزمة السورية رغماً عنه، بعدما قرر حزب الله بالنيابة عن لبنان حكومة وشعباً وجيشاً خوض معركة ليست معركته، والدفاع عن أرض ليست أرضه في مواجهة شعب أعزل لم يطلب سوى الحرية والكرامة. لكن رغم السنوات السبع التي مرت، والأحداث التي رافقتها فإن جراح كثير من اللبنانيين لم تشف من أحداث مايو 2008، حين استخدم حزب الله سلاحه الذي شرّعته الحكومة ومجلس النواب لحماية اللبنانيين من اعتداء إسرائيلي محتمل، فإذا بهذا السلاح يصبح أداة للاعتداء على اللبنانيين والإساءة إليهم.حين نتذكر أحداث 7 مايو 2008، لا نتذكر فقط الخطيئة التي ارتكبها حزب الله وحلفاؤه في بيروت، نتذكر أيضاً حلقة من حلقات الكذب والخداع الذي مارسه الحزب بحق اللبنانيين. فالذريعة التي قدمها حزب الله في مايو 2008 لتوجيه سلاحه إلى صدور اللبنانيين كانت حماية سلاح "المقاومة" والحفاظ عليه، عقب إصدار الحكومة اللبنانية قراراً بوقف تمدد شبكة اتصالات الحزب الخاصة، بعدما بدأت تطول مناطق بعيدة لاحاجة للحزب بها. وتحت هذا العنوان شرّع الحزب لنفسه أعمال قتل واعتقال وتدمير وترهيب وإهانة شريحة كبيرة من اللبنانيين. ما يشير إلى زيف هذه الذريعة، حيث أنه كان بإمكان حزب الله أن يعلن –ببساطة- عدم التزامه بقرار الحكومة ورفضه الخضوع له، والاستمرار بمد شبكة الاتصالات كيفما شاء. وهو ما فعله بعدما وجهت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاتهام لأربعة من قيادييه باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، يومها لم يقم الحزب بتوجيه سلاحه للمحكمة الدولية ولا لعناصر الأمم المتحدة المتواجدين في لبنان، بل اكتفى بإعلان عدم اعترافه بالمحكمة وقراراتها، وتهديده بأنه سيقطع اليد التي ستمتد إلى أي من عناصره. وبالفعل، التزمت السلطة اللبنانية الصمت ولم تحاول إلقاء القبض على المتهمين المطلوبين للمحكمة الدولية، ولم تسع حتى للسؤال عن مكانهم. أخطاء كثيرة وقع فيها حزب الله منذ انطلاقته وحتى يومنا هذا، ولعلّ أكثرها سوءاً وبشاعة ما يقوم به حالياً من مشاركة للنظام بقتل الشعب السوري. لكن تظل لأحداث 7 مايو 2008 حيثية خاصة ومرارة مميزة. فقد كانت المرة الأولى التي يكشر فيها حزب الله عن أنيابه، ويُظهر للبنانيين والعرب وجهاً جديداً طالما حاول إخفاءه عنهم. فالصمود الذي حققه الحزب في مواجهة إسرائيل في عدد من المواجهات العسكرية، وبراعته في تقديم نفسه للعرب والمسلمين على أنه المدافع عنهم، الساعي لتحرير فلسطين، كان كافياً كي تُرفع رايات حزب الله وصور أمينه العام في العديد من العواصم العربية. لكن أحداث 7مايو 2008 جاءت لتكشف حقيقة أن تحرير فلسطين، ورفع لواء المقاومة ماهو إلا شعار برّاق يخفي وراءه أجندات مختلفة باتت مكشوفة.ليس مفيداً التذكير بمجريات ما حصل في مايو 2008، فاجترار المرارات لايؤدي إلا إلى مزيد من التباغض والكراهية. المفيد هو الاستفادة من دروس ما حصل. فالألم الذي سببته جرائم حزب الله في مايو 2008 بحق اللبنانيين، كان يمكن تجاوزها ومحاولة نسيانها لو أن الحزب ندم عليها واعتذر عنها. لكن المخزي هو أنه أبدى فخره واعتزازه بما ارتكبت يداه بحق شركائه في الوطن، واستعداده لتكرار ماحصل، ووصلت الوقاحة حد إعلان الأمين العام لحزب الله يوم 7 مايو 2008 يوماً مجيداً للمقاومة.بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 أقر السيد حسن نصرالله أنه لو كان يعلم أن خطف حزبه للجنود الإسرائيليين سيؤدي إلى الدمار الذي سببه العدوان لما كان حزب الله قام به. هذا الإقرار الذي يسجّل لصالح نصر الله، قدمه في مواجهة إسرائيل. ألم يكن اللبنانيون يستحقون إقراراً مشابهاً، بأن حزب الله لو كان يدرك أن أحداث مايو 2008 ستؤدي إلى ماأدت إليه من نفور وكراهية وتباغض بين اللبنانيين عدا الضحايا والخسائر، لما أقدم عليها الحزب؟! لماذا يصر البعض على لعب دور المعصوم الذي لا يخطئ رغم تراكم أخطائه.حال المكابرة وادعاء العصمة متواصل حتى يومنا هذا، فالجميع يدرك أن مشاركة حزب الله في مساندة النظام السوري هو قرار لم يصدر عن قيادة الحزب بل عن قيادة طهران. لكن أن يكون الحزب مضطراً لخوض حروب الآخرين بدماء اللبنانيين شيء، والادعاء الزائف أن الغرق في دماء الشعب السوري هو مدعاة فخر واعتزاز شيء آخر.كلنا نخطئ، لكن تبقى الفضيلة لمن يعترف بخطئه، ويسعى لتصحيحه.