17 سبتمبر 2025
تسجيلمن أين نبدأ تقول الرسالة: لأسباب يطول شرحها فُصِلت من كليتي، وخرجت إلى الحياة، حاولت وحاولت، لكن للأسف، تجاوزت الأربعين من عمري، ولم أحقق شيئا ذا أهمية، حزين على حالي، نادم على ما ضاع، خائف مما هو قادم، تعتريني رغبة دائمة في أن أبدأ من جديد، لكن هناك ما يشدني إلى الخلف، فماذا أفعل؟ السلام عليكم! كلما حاولت الإجابة عن هذه الرسالة لا أجد إلا لغة الأرقام. عمرك حوالي الأربعين، وقد تعيش إلى ما بين السبعين والثمانين، أي أنك تقريبا في منتصف عمرك، فهل تريد أن تعيش نصف عمرك الآخر، نادما ويائسا وحزينا، هل تعتقد أن هذا منطق مقبول؟ أنت تعيش الآن الندم على اللحظة الفائتة، لكنك، إن لم تفعل شيئا، ستعيش الندم مجددا على اللحظة الحاضرة، التي تضيعها في الندم. ما هو النجاح الذي تسعى إليه، إن كل تصوراتنا عن النجاح تقليدية كلاسيكية، فنفترض أن النجاح يبدأ من نقطة محددة، ليصل إلى نقطة محددة، وفق مسار اعتاده المجتمع. على سبيل المثال، تبدأ الدراسة المتوسطة، فالدراسة العليا ثم تلتحق بوظيفة وتتدرج فيها، وهكذا تصبح في نظر المجتمع ناجحا، فإذا لم تلتزم بهذا المسار، وهذا المعيار للنجاح فأنت في نظر المجتمع فاشل. تقييمنا للنجاح مرتبط بتقييم الناس، فنرى ما يراه الناس، ونفعل ما يرغبون منا أن نفعله، ونضيع حياتنا في ذلك. لماذا لا يصنع المرء منا عالمه الخاص بنفسه، يحدد فيه قواعده، ونوع النجاح الذي يرغب به، لا الذي يرغب به من حولنا، النجاح الذي يناسب قدراتنا، ويتجنب نقاط ضعفنا. الذي يناسبك، لا يناسب غيرك، والذي يناسب غيرك لا يناسبك، فلا تفرض مقاييسه عليك، ولا تفرض مقاييسك عليه. نعم تستطيع دائما أن تبدأ من جديد، وهو أمر ليس سهلا، ستهجم عليك مشاعر سلبية، من يأس وإحباط، مثل طفل يحاول أن يقف فيقع، هذه مشاعر طبيعية، لكن لا تستسلم لها، الاستسلام هو الأمر غير الطبيعي. أتعرف أن الفارق بين الناجح والفاشل، هو أن الأخير استسلم لمثل هذه المشاعر، فيما الأول لم يفعل، بمعنى أن الاثنين تعرضا لنفس المشاعر، ونفس الإحباطات، ونفس العوائق ربما، لكن الناجح استمر، غير مكترث بذلك، غير معلن لاستسلامه. حتى تبدأ من جديد، يجب أن تتسلح بما يكفي لخوض معركتك. ثق بنفسك وبقدراتك، وسر بخطوات ثابتة، ولا تتلفت أو تلتفت إلى الخلف، فقط انظر إلى الأمام، مؤمنا بأن لك مهمة ودورا في الحياة عليك أن تؤديه. لم يخلقنا الله عز وجل عبثا، حاشاه، لكل إنسان منا قدراته التي عليه أن يكتشفها، ودوره في الحياة الذي عليه أن يؤديه. خض في الأمر وعش في الحاضر وكأنك ولدت من جديد. لا تكترث لفكرة العمر، تستطيع أن تبدأ من أي عمر، على أن تنتبه لما يناسب عمرك، وهذا كلام عملي وصحيح، لكنه ليس سهلا، ويحتاج إلى إرادة وحسن تخطيط حتى يتحول إلى واقع. ومن المهم ألا تقارن نفسك بالآخرين، فلكل ظروفه وأحواله، وإن لم تعرف من أين تبدأ، ابدأ من أي نقطة تراها أنها الأفضل، حتى ولو كنت غير متأكد، ابدأ، ثم صَحِّح مسارك.