11 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمات متفاقمة تدفع الصوماليين إلى حافة الهاوية

10 أبريل 2023

يمكن أن يُجبر أي شخص منا على الفرار بشكل غير متوقع - ولسنا بمأمن عن ذلك. إن الحرب في أوكرانيا والزلزال الأخير في تركيا وسوريا، والجفاف المستمر والصراع في الصومال، كلها تذكر بهذه الحقيقة المؤلمة. وعند الوقوع في خضم الحرب والصراع والاضطهاد والكوارث الطبيعية، غالبًا ما يكون الخيار الوحيد هو الفرار بأقل القليل من المتاع الذي يمكن حمله. وللأسف، فإن الصوماليين على وجه الخصوص كانوا من بين ضحايا التهجير القسري لعقود، ولا يزالون في حالة الفرار تلك إلى الآن. على مدار أكثر من ثلاثين عامًا ظلت أزمة الجفاف والصراع في الصومال تزداد حدة مما أدى إلى عمليات نزوح قسري جماعية. وقد رحبت دول مثل كينيا وإثيوبيا بلا كلل بإخوانها وأخواتها الصوماليين.، هناك 3.8 مليون صومالي نازح داخلي، بينما يعيش أكثر من 800,000 آخرين كلاجئين في البلدان المجاورة وخارجها وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتبذل وكالات الإغاثة كل ما في وسعها لدعم الصوماليين النازحين داخل وخارج البلاد، لكن الأسباب الكامنة وراء هذا النزوح مستمرة. إن التقدم البطيء في مفاوضات السلام إلى جانب الصراع والجفاف الذي لا ينتهي على ما يبدو يلحق الضرر بشعب الصومال. ولأكثر من ثلاثين عامًا لم يعرف العديد من الصوماليين سوى مخيم اللاجئين منزلًا، وعاش إلى الآن ثلاثة أو حتى أربعة أجيال في مخيمات اللاجئين. إنها مأساة إنسانية كبرى أن يظل اللاجئون عالقين في مأزق لا يمكن حله. وتظل حقوقهم الأساسية واحتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية الأساسية لا يحصلون عليها بعد سنوات قضوها في المنفى. غالبًا ما تؤدي القيود المفروضة على الحركة، وفرص التعليم والعمل المحدودة، إلى تجميد حياة اللاجئين. كما أن طرق التخطيط والتمويل لأنشطة المساعدةِّ ذات الطبيعة قصيرة المدى تزيد من حدة المشكلة؛ مما يترك الناس مجبرين على الفرار غير قادرين على التخلص من اعتمادهم على المساعدة الخارجية. ومع تلاشي الأزمات الإنسانية في عناوين الأخبار، غالبًا ما يتم نسيان مثل اللاجئين الصوماليين. علاوة على وضع اللاجئين الذي طال أمده، تواجه الصومال الآن أزمة جفاف مدمرة قد تؤدي إلى إعلان مجاعة أخرى في الثلاثين عامًا الماضية. شهدت الصومال موجات جفاف حادة بلغت ذروتها في المجاعات وظروف ما قبل المجاعة، في 1991/1992 و2011 و2016/2017 والآن في 2021/23. وتوالت خمسة مواسم شهدت ندرة المطر إلى انعدامه، أي ثلاث سنوات دون هطول مطر - تركت الرضع الصوماليين والأطفال والرجال والنساء في وضع يهدد حياتهم والذي تفاقم بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستجابات الإنسانية المتأخرة والسيئة التي بدورها تفاقمت بسبب الصراع وانعدام الأمن المتزامن وتفشي الأمراض. من المتوقع أن يواجه ما يقرب من 8.3 مليون شخص في جميع أنحاء الصومال أزمة أو الأسوأ من ذلك انعدام الأمن الغذائي الحاد بين أبريل ويونيو 2023. وبينما تكافح البلاد مع هذه البيئة الصعبة، تبذل مفوضية اللاجئين مع وكالات المعونة الإنسانية الأخرى ما في وسعها للوصول إلى الفئات الأكثر ضعفًا. يحاول المجتمع الدولي أيضًا حشد المزيد من الدعم لبلدان مثل الصومال، كما تم عرضه في مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموًا، الذي عقد في الدوحة في وقت سابق من شهر مارس. ومع ذلك فهناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في الحلول الدائمة وبرامج الصمود لتحسين قدرة المجتمعات على التعامل مع الصدمات الحالية والمستقبلية المتعلقة بالمناخ والتي هي من صنع الإنسان. لكن لسوء الحظ، ظلت الصومال تكافح في سبيل جذب الاهتمام العالمي المستمر. وغالبًا ما تعاني برامج تقديم المساعدة والحماية من نقص التمويل. على سبيل المثال، في عام 2022 تلقى الشركاء في المجال الإنساني في الصومال أقل من 60٪ من الموارد المطلوبة للاستجابة لاحتياجات الأفراد. من ناحية أخرى، بينما تظل البلاد تعتمد لبعض الوقت على المساعدات الإنسانية الأجنبية لمعالجة المشاكل المزمنة المختلفة، فقد جعلت الحكومة الفدرالية الصومالية أيضًا من أولوياتها الرئيسية خلق فرص الاستثمار والتعليم والتوظيف بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والأمني من أجل العودة الطوعية المستدامة وإعادة دمج اللاجئين والنازحين داخليًا. وتعمل المفوضية في إطار مهمتها لحماية اللاجئين والسعي إلى حلول دائمة لمحنتهم على ضمان عدم نسيان حالات اللاجئين التي طال أمدها مثل الوضع الصومالي، والاستجابة لها بطريقة تمكن اللاجئين من التمتع بحقوقهم، بما يسهل اعتمادهم على الذات إلى أن تأتي الحلول. لقد كانت قطر سخية في دعم حالة النزوح في القرن الأفريقي، وأود أن أحث على استمرار هذا الكرم حتى نتمكن من إيجاد الحلول بشكل جماعي. لكل شخص الحق في البحث عن الأمان، واعتقد أن مسؤوليتنا الجماعية هي ضمان وصول الأفراد إلى الأمان وتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع ذلك، فعندما يُترك الأطفال والرجال والنساء في مخيمات اللاجئين الموحشة لعقود من الزمان ليعيشوا على المساعدة الدولية، فهذا يشير إلى أنه لا يزال لدينا الكثير لنفعله من منظور جماعي لكي تكون الحلول مستدامة. وبصفتي مبعوثًا خاصًا لمفوضية اللاجئين للقرن الأفريقي، فأنا ملتزم بدعم ومناصرة الجهود المبذولة لإنقاذ حياة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ولتمكين الشباب من الالتحاق بالمدارس وتحقيق إمكاناتهم الكاملة، وألا تحمل الأمهات اللاجئات هم رؤية أولادهن أو أحفادهن مضطرين للعيش في مخيمات للاجئين إلى الأبد. إنني أحيي قوة ومرونة أولئك الذين أجبروا على الفرار من ديارهم، كما أحيي الرحمة الحقيقية للمجتمعات التي استقبلتهم. إن التضامن مع النازحين الصوماليين قسرا والبلدان التي رحبت بهم مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى.