19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بات ما يُطلق عليه اسم "المشروع الإيراني" يحتل حيّزًا أساسيًا في حوارات ومناقشات قادة الرأي والإعلاميين والسياسيين والباحثين العرب. فلا يكاد يجتمع اثنان إلا ويكون المشروع الإيراني ثالثهما، الكل يتساءل عن سبل مواجهة هذا المشروع وكيفية تقليم أظافره التي تزداد طولًا ونهشًا في أكثر من بقعة من عالمنا العربي والإسلامي.الجميع ينشغل في كيفية مواجهة توغل إيران واستفزازاتها، لكن أحدًا لايتساءل عن كيفية وصول إيران - ومن يدور في فلكها - إلى هذا المستوى من السطوة والوقاحة، حتى باتوا يجدون موطئ قدم لهم في عدد من بلداننا، ويملكون التأثير في بلدان أخرى. من الذي أفسح لهم الطريق، أو على الأقل كيف وجدوا طريقًا لاختراقنا، وكيف سمحت حكوماتنا وأجهزة مخابراتنا بتسلل خيوط المشروع الإيراني والاستيطان من حولنا. من المعروف أن مؤسسات معظم الأنظمة العربية متخلّفة بكل شيء إلا في الأمن فهي تعمل بشكل محترف ومتقدم، خاصة تجاه الإسلاميين الذين تعتبرهم تهديدًا للأمن والسلم، فتنقض على من تطلق عليهم "خلايا نائمة"، وتفخر بأنها نجحت في إحباط مخططات إجرامية قبل أن يفكر بها أصحابها، ثم بعد كل هذه الحرفية والإتقان والحرب الاستباقية تقف الأجهزة الأمنية كالبلهاء أمام تمدد المشروع الإيراني وتوسعه ولا تدري ما تفعل لمحاصرته.مساعي المشروع الإيراني للتمدد في المنطقة العربية ليس جديدًا، الجديد هو أن هذا التمدد بدا في السنوات القليلة الماضية أكثر وضوحًا وخطورة ونفوذًا، فما الذي طرأ، وكيف نجحت إيران في الوصول إلى بقاع كانت في السابق عاجزة عن الوصول إليها؟معظم الأنظمة العربية كانت تنظر بريبة للمشروع الإيراني، لكنها لم تكن تعتبره تهديدًا داهمًا لها، وكانت مقتنعة أن رياح الربيع العربي وصعود الإسلاميين إلى الواجهة هو التحدي الأخطر الذي عليها أن تتفرغ لمواجهته وأن تصرف عليه ملياراتها وأن تتفرغ أجهزتها الأمنية لترصدها وتعتقل أفرادها وتزجّهم في السجون وإجراء محاكمات صورية لهم. عاشت بعض الأنظمة العربية منذ أحرق محمد البوعزيزي نفسه في سيدي بوزيد بتونس عام 2011 هاجس حماية هيلمانها من تأثير هذا الحريق، وانهمكت في إخماد تأثيراته، وانشغلت عن التمدد الإيراني الذي نجح باستغلال غفلتها. اليوم بعد أكثر من ثلاث سنوات من انشغال الكثير من الأنظمة العربية في إجهاض إرادة شعوبها، تقف اليوم مذهولة من النفوذ الإيراني المتنامي حولها، متناسية أنها هي التي تركته ينمو ويتقدم ويتوسع. اليوم، وحتى لا نواصل البكاء على الأطلال، وفي ظل ما يعانيه الوطن العربي والإسلامي يبرز السؤال، هل بالإمكان استدراك ما فات، وهل يمكن إعادة تصحيح الواقع، ووضع حد للتمدد الغريب الذي ينهش جسد الأمة؟ الخطوة الأولى لذلك تبدأ من الأنظمة التي خلقت لنفسها عدوًا أطلقت عليه اسم "الإسلام السياسي" أن تعيد ترتيب أولوياتها، وأن تدرك أن رياح التغيير التي تخشاها وتنشغل في محاربتها وتبذل الأموال الطائلة للقضاء عليها إنما هي نقطة قوة عليها أن تستفيد منها وتستغلها لمواجهة المشاريع الخارجية من أي جهة أتت. فالقوى التي تصدرت مشهد الربيع العربي هي الوحيدة الشابة والحية والقادرة على مواجهة أي مشروع خارجي، ويجب أن تكون مصدر فخر لهذه الأنظمة لا مصدر خوف وارتياب وعداء. الآمال لم تصل لمستوى دعم الأنظمة لهذه القوى ومساندتها، كل ما هو مطلوب هو أن يتوقف التضييق على هذه القوى الشابة، أما إذا واصلت الأنظمة أداءها الحالي، وبقيت أولوياتها على ما هو عليه، فلن يكون مستغربًا أن يستمر المشروع الإيراني في تمدده ونخره في جسد الأمة.