12 سبتمبر 2025

تسجيل

غارة بورتسودان وخيانة الداخل

10 أبريل 2011

إذا صحت المعلومات التي اتهمت فيها الحكومة السودانية عملاء من جنوب السودان بتقديم معلومات استخباراتية لمساعدة إسرائيل في تنفيذ قصفها الجوي على عربة في مدينة بورتسودان يوم الثلاثاء الماضي فإن السودان يواجه في المستقبل دولة جارة خؤونة لا يؤتمن جوارها، وتمثل بؤرة للتوتر، وساحة لتأجيج استهداف السودان من الدولة العبرية، وغيرها من الدول التي تضمر الشر للبلاد بأسرها. لقد فجرت الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل مزيدا من الجدل والحجج حول جملة من التداعيات: فقد أكدت الحكومة السودانية أن الضربة الصاروخية القاتلة قد أودت بحياة مواطنين سودانيين هما: عيسى أحمد هداب، أحد مواطني مدينة بورتسودان، وسائقه الشخصي أحمد جبريل.. خلافاً لما ذكرته الصحف الإسرائيلية بأن المستهدف من العملية هو: عبداللطيف الأشقر وريث محمود المبحوح الذي اغتاله الكيان الإسرائيلي في وقت سابق. الغارة الجوية التي استهدفت وقف تهريب الأسلحة إلى حركة حماس وفقاً لادعاءات إسرائيل، لم تكن الأولى، فقد شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت قافلة من الشاحنات عام 2009، ووفقاً للمزاعم الإسرائيلية فإن القافلة كانت محملة بالسلاح والمواد القتالية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة. ومن حق السودانيين أن يجأروا بالشكوى والسؤال والعجب.. كيف تسنى لإسرائيل أن تشن غارتين على السودان دون تحفز من الدفاعات الجوية السودانية لردها وردعها؟ ولماذا صمت المجتمع الدولي إزاء تدخل إسرائيل في أجواء السودان وانتهاك سيادته؟ ورداً على السؤال الأول فإن نواباً من البرلمان السوداني قد طالبوا باستدعاء وزيري الدفاع والداخلية، ومسؤول جهاز الأمن والمخابرات، لاستجوابهم، كما طالبت المعارضة السودانية بإقالة وزير الدفاع ومساءلة الحكومة لفشلها في حماية السيادة الوطنية. أما عن صمت وتجاهل وتناسي المجتمع الدولي لما حدث في بورتسودان، فإن المجتمع الدولي الذي تقود دفته الولايات المتحدة الأمريكية فإنه ليتسم بالمكر والخداع والتضليل وازدواجية المعايير. فالولايات المتحدة الأمريكية لديها تاريخ مديد في حماية إسرائيل ودعمها ماديا وعسكريا ولوجستيا، فقد أوقفت الإدارة الأمريكية أكثر من 40 قراراً ضد العدوان الإسرائيلي على فلسطين باستخدام حق النقض "الفيتو" كما أنها تسعى حاليا حثيثا لدفن تقرير غولدستون الذي ترأس لجنة التحقيق الدولية في العدوان الإسرائيلي على غزة.. وخلال الأيام الثلاثة الماضية شنت إسرائيل عددا من الغارات الجوية والمدفعية التي أودت – حتى الآن – ما يقرب من العشرين شهيدا، دون أن يتحرك المجتمع الدولي ساكنا. والآن تطالعنا الأخبار بأن الحكومة السودانية بصدد اتخاذ إجراءات عاجلة لتقديم شكوى لمجلس الأمن ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم على مدينة بورتسودان. وفي انتظار رفع الشكوى لمجلس الأمن، وإجراء التحقيقات اللازمة من قبل الحكومة السودانية لكشف ملابسات الغارة الجوية، فإن واقع الحال يحتم على الحكومة كشف المتورطين من جنوب السودان ممن أسمتهم العملاء.. الشعب السوداني يريد أن يعرف هوية العملاء، وأماكن وجودهم، وقدرتهم الفائقة على إحداث هذا الثقب الكبير في جدار السيادة السودانية التي يتوجب أن يخضع منفذوها للمساءلة والمحاكمة.