11 سبتمبر 2025
تسجيلفي عز أزمة خانقة، وأوجاع متلاحقة، واكتئابات عديدة، وأوضاع اقتصادية صعبة، وضيق يبدأ من صياح الديك وحتى غياب الجسد المنهك في غيبوبة نوم إن أتى، نزل الخبر على الناس ليلجمهم ثم ليصرخوا متسائلين معقولة؟ هل حقاً أصبح بالإمكان القبض على الأمل الهارب في الشفاء من اعتلال صحي يودي بحياة الناس صغاراً كانوا أو كباراً؟ هل فعلاً حدثت المعجزة باختراع علاج لفيروس "س" وقد أصبح قاب قوسين أو أدنى من أيادي الموجوعين المتعلقين ببصيص رجاء يخلصهم من أوجاع لا يعرفها إلا من عاناها؟ تتبعت الخبر كالملايين، إنبثق من روحي فرح عارم فقد فقدت أحباباً لم يقدر لهم أن يعيشوا ليروا الحدث الجلل، وأي فرح يمكن أن يزور أولئك المعذبين طويلاً وقد آن أن يودعوا مشاوير الألم من وإلى المستشفى، أي ابتهاج دب في الأجساد العليلة التي آن لها أن تذوق طعم العافية من بعد طول سقم؟ لكن رويداً رويداً انسحب فرحي خلف مخاوف كثيرة إذ لم أجد حفاوة عالمية بهذا الكشف، وتناهى إلى سمعي صوت متخصصين قابلوا الاكتشاف ببرود دون أدنى ترحيب، بل بصمت غير المصدق الذي معه أسانيده مما فتح الطريق لقافلة أسئلة راحت تشغلني بجد! أولها هل هناك دليل معملي لنجاح الاكتشاف؟ هل أكدت أكاديمية البحث العلمي في مصر صحة نجاح الاكتشاف؟ هل توافرت الدقة اللازمة، والأمانة العلمية الخالصة التي تؤهل لطرح هذا الاكتشاف بعد التجارب اللازمة؟ هل عرض الاكتشاف على مؤسسات البحث العلمي في الخارج وباركت فعلاً هذا الاكتشاف الذي إن صح وجب احتفال العالم كله به؟ ثم هل أخذ هذا الاكتشاف براءة اختراع ليحق الفرح به والاحتفاء بمولده؟ أسئلة تجر أسئلة وملايين لم تنم بعد إذاعة الخبر، لم تهدأ أجهزة الهاتف في تناقل الخبر المعجزة وهرع آلاف إلى المستشفيات في كل أرجاء الوطن يسألون كيف الحصول على الأمل المرتجى في علاج يوقف نزيف الألم، وأيضاً الموت؟ وأعود وقد شُغل الناس بالخبر لأسأل مع السائلين هل خرج الحديث عن هذا الاكتشاف في هذا الوقت بالذات ليدغدغ مشاعر الناس دون تمحيص أو تدقيق لمجرد مواساة الوجع وإسعاد الناس بخبر، بمجرد خبر لا أكثر، ثم لماذا أقحم الجيش في الاكتشاف؟ هل لهذا الإقحام مآرب أخرى؟ ثم أعود لتصور فداحة ما قد يحدث وقد ترك المرضى أدويتهم، وأهملوا علاجهم انتظاراً للاختراع الجديد مع كل ما قد يترتب على ذلك من مآس غير محسوبة فاستبعد دغدغة مشاعر الناس بمجرد خبر سار عابر لا أساس له من الصحة إذ المسؤولية أخلاقية، وإنسانية، وصحية، وتتعلق بآمال الناس وآلامهم ولا يمكن لإنسان يقدر معنى الألم أن يلقى خبراً على عواهنه، وأسرح في صديقتي التي كانت تسافر إلى جهة بعيدة لإحضار بول الإبل لتعالج به الأطفال المصابين بفيرس "س" لكثرة ما أوجعها وقد قطف الموت أرواحاً بريئة كثيرة وهي الطبيبة التي عجزت عن علاج أحبائها، قرأت لي مرة وهي تجلس إلى جواري مقاطع كانت تكتبها تأثراً بعد أن يخلو سرير من طفل ليغيبه الثرى، كانت مقاطع دامية مليئة بالألم والدموع، هل آن لصديقتي أن تكف عن المشاوير الصعبة لإحضار ما تتصور أنه علاج لزهور حولها يختطف لونهم وحياتهم فيرس "س"؟هل آن أن تفرح بكشف يكفكف دموعها كلما رحل طفل وكأنه طفلها؟ آخر سؤال هل للاختراع مصداقية حقيقية وإثباتات علمية موثقة، أم أنه اجتهاد مجرد اجتهاد دفع بدفقة أمل للحظات لمن يحلمون بلحظة الخلاص من ربقة أوجاع مرض هدهم، وهزمهم، وخطف ابتسامتهم؟ كثيرون تعاملوا بريبة مع الخبر المعجزة ويبقى أن يلمس الموجوعون حلمهم حقيقة، آمل أن يشرق هذا الأمل الذي ننتظره ليتعافى أحبتنا أينما كانوا، ويسعد كل إنسان أينما كان. * * * طبقات فوق الهمس* في المؤتمر السنوي الثاني لشباب الأطباء قال المشير السيسي "إن الشباب هم أمل مصر ومستقبلها بما لديهم من المقومات العلمية، والثقافية، والقدرة على العطاء" ونسأل إن كان الشباب مستقبل مصر، فلماذا تقتلهم الداخلية كل يوم؟ أو يقتل الوطن أمله؟ وكيف يعيش وطن بلا أمل؟!* في لفتة نبيلة "ستحتفل د. غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي بتكريم أمهات شهداء الجيش والشرطة في عيد الأم" دعواتنا بالصبر والسلوان مع خالص العزاء لأهالي الضحايا، ونسأل الدكتورة غالي هل ستحتفل أيضا بأمهات شهداء التحرير، والمنصة، ورمسيس، والاتحادية، ورابعة العدوية؟ أم أن هؤلاء لا بواكي لهم؟!* قمة الكويت نهاية مارس عليها واجب تنقية الأجواء، ونبذ الخلاف، وإبعاد الفرقة، ورتق قميص الود المقطوع ليس فقط خليجياً، وإنما أيضاً عربياً.* يقول الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تفرقاوإذا افترقن تكسرت آحادا