18 سبتمبر 2025
تسجيلأمس السبت كان يوما حافلا بالنسبة لي، والأحداث فيه لامست اهتماماتي. وفي طريق عودتي من مكة المكرمة، وقفت في جدة حيث كنت في زيارتين رسميتين لمنظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية أمثل فيهما الأكاديمية الدولية للاستشارات الاجتماعية والإنسانية.وكان هدف تلك الزيارات دعوة المؤسسات للتعاون في مشروع إستراتيجي يهم العاملين في القطاع الخيري على وجه الخصوص، والمتمثل في دراسة جدوى وآليات تحويل المساعدات الخارجية إلى أوقاف. وقد وجدت دعوتي الصدى الرائع، والدعم الكبير لتنفيذ هذا المشروع. وفي الحقيقة، أن الذي أثار اهتماماتي نحو هذه المبادرة، هي دراسة قدمها فضيلة الشيخ الدكتور سلطان بن إبراهيم الهاشمي العميد المساعد بكلية الشريعة بجامعة قطر. حيث اتصلت به عند نشره ملخصا لها، وعرضت تبنيها، والتعريف بها، والدعوة إلى جعلها منهجا أساسيا لاستثمار المساعدات الخارجية التي تقدمها الدول الإسلامية خير استثمار. أما الأحداث الأخرى التي حدثت لي في جدة أيضا، فهي التعرف على عدد من بيوت الخبرة ممن يعملون في مجال الاستشارات والدراسات والبحوث، وكذلك التدريب بهدف بناء الطاقات في المؤسسات الخيرية والتطوعية، وكذلك المؤسسات الحكومية والخاصة المتقاطعة مع المؤسسات الخيرية. وكان الدافع لهؤلاء الخبراء في تأسيس هذه البيوت الاستشارية، هو قناعتهم بأن هناك العديد من الحقوق والواجبات للمتبرع، وكذلك المستفيد. وبالتالي، من الواجب دعم طرفي المعادلة من أجل الوصول إلى مخرجات تتمثل في مشاريع ومبادرات نوعية يعود أثرها الإيجابي على المجتمع المحيط، والمجتمعات المستهدفة. ولا أخفيكم بالغ سروري من مبادرات رجال وسيدات الأعمال في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، ومسؤولياتهم الاجتماعية تجاه مجتمعهم. فالتطور الذي حدث في القطاع الخاص أصبح واضحا لكل مراقب ومهتم. فلم يقتصر دورهم الاجتماعي على تقديم التبرعات المالية أو العينية. بل أصبح دورهم ريادي في أنهم حققوا شراكات مع المؤسسات الاجتماعية والمجتمعية في تنفيذ مبادرات نوعية. وكذلك وصلت مسؤوليتهم تجاه المستفيدين إلى تبني العديد منهم منهج المؤسسة المسؤولة المتخصصة في جانب من الجوانب التي يتطلب توفيرها، بعد دراسة علمية ومنهجية لحاجات المجتمعية. إضافة إلى ذلك كان لي لقاء آخر على هامش هذه الزيارة المباركة، مع وفد يمثل مؤسسات خيرية واجتماعية في مدينة غزة بفلسطين الغالية. وحينما قاموا بعرض مشاريعهم، وجدت أن أهم ما يميزها هو الإبداع في اختيار فكرة المشروع. وهذا جانب مهم في عمل المؤسسات الخيرية والتنموية. فغياب اللغة المشتركة بين الكثير من المتبرعين خاصة رجال وسيدات الأعمال منهم، وممثلي المؤسسات المستفيدة يعود إلى أن كثيرا من مؤسساتنا الإنسانية في العالم الإسلامي تغيب عنها المنهجية العلمية في اختيار فكرة المشروع الإبداعي الذي يتوافق مع رغبات وتطلعات المتبرعين، ويلبي في الوقت نفسه حاجة مجتمعية. وبالتالي، هناك العديد من الخبراء ممن يعملون حاليا على تصميم وتطوير منتجات خيرية، يتم تقديمها للمتبرع أو الراعي المستهدف في قالب تسويقي، وبمعايير عالية الجودة والإتقان. إن إدارة العمل الإنساني تتطلب رؤية احترافية، ومنهجية مهنية، توظف فيها التقنية الحديثة، ونظم الإدارة العصرية لتحقيق تطلعات المتبرع والمستفيد. كما أدعوا كذلك أن تدار مؤسساتنا الإنسانية من خلال فرق عمل متنوعة التخصصات والاهتمامات.