10 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا قرار محكمة العدل الدولية مهم؟

10 فبراير 2024

أصدرت محكمة العدل الدولية، بخصوص طلب جنوب أفريقيا حول اتهام إسرائيل بارتكابها جرائم إبادة بشرية ضد سكان قطاع غزة، يوم الجمعة 26/1/2024 قراراً من ستة بنود (التدابير الاحترازية): إلزام دولة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ كافة التدابير لوقف قتل الفلسطينيين، منع إيقاع ضرر جسدي أو عقلي جسيم بحقهم، وقف أي إجراءات محسوبة للتسبب بفنائهم أو فناء جزء منهم (التصويت: 15 مقابل 2)، وإلزام الجيش الإسرائيلي بنفس البنود السابقة وبشكل فوري (15- 2)، منع تحريض المسؤولين الإسرائيليين على الإبادة الجماعية ومعاقبة المحرضين (16- 1)، توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة (16- 1)، امتناع «إسرائيل» عن تدمير أي أدلة على ارتكابها الإبادة الجماعية (15-2)، تقديم تقرير خلال شهر حول تطبيق الإجراءات الواردة في قرار المحكمة (15-2). لماذا يعتبر هذا القرار مهماً؟ أولا: وضع القرار إسرائيل في قفص الاتهام الرسمي، الاتهام بارتكاب جرائم إبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، من أعلى محكمة دولية. وهي إهانة غير مسبوقة لدولة الاحتلال وداعميها، الأمر الذي سوف يقوض سمعتها وينزع عنها الشرعية الدولية. ثانياً: رفضت المحكمة طلب إسرائيل بحجة عدم الاختصاص، في حين قبلت طلب جنوب أفريقيا، وسوف تباشر في تمحيص أوراق القضية لحين إصدار الحكم النهائي. ثالثا: أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بستة تدابير احترازية من أصل تسعة كانت قد تقدمت بها جنوب أفريقيا. جميعها تصب في خدمة هدف وقف الحرب، لأنه من دون وقف الحرب فلن يتم تحقيقها. رابعا: طلبت المحكمة من إسرائيل تقديم تقرير خلال شهر عن الإجراءات التي ستتخذها لوقف ما يتعلق بالقتل والتدمير وإلحاق الضرر وضمان عدم تنفيذ قواتها إبادة جماعية. خامساً: من خلال قراءة في عدد الأصوات مع هذا القرار أو ضد، تبين أن هناك شبه إجماع على اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية، والتأكيد على نية إسرائيل بارتكاب جرائم ابادة متوفرة. إن الضحايا في قطاع غزة كانوا يتوقعون صدور حكم مبرم عن المحكمة باعتبار إسرائيل دولة مدانة حقاً، وأن يصدر مدعي عام محكمة الجنايات الدولية مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة، وأن يتولى الإنتربول محاولة توقيفهم فعلاً في المطارات، ولكن في ظل ظروف دولية غير مواتية، ورعاية أمريكية، بما تمثل من قوة ونفوذ، لإسرائيل فإن صدور هكذا قرار يعتبر خطوة مهمة جداً في الاتجاه الصحيح ويمكن البناء عليه في أكثر من اتجاه. أولا: هو يشكل محفزاً لكثير من الدول كي تنضم لجهود دولة جنوب أفريقيا وألا تبقى وحدها في ميدان المعركة القانونية. ثانيا: هذا القرار يشكل ضغطاً كبيرا على محكمة الجنايات الدولية ومدعيها العام السيد كريم خان لكي يكون التحقيق في جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين أكثر فعالية وسرعة. والمطلوب أن تنضم دول أخرى لطلب الإحالة للمحكمة المقدم من خمس دول بما فيها جنوب أفريقيا. ثالثا: على إسرائيل أن تقدم تقريراً عن سلوكها خلال شهر من صدور هذا القرار، ومن المتوقع، بحكم السوابق الكثيرة للاحتلال ألا تمتثل لهذا القرار. عندها سوف يعتبر هذا السلوك بمثابة تمرد على قرار محكمة العدل الدولية وسوف تُعتبر إسرائيل على أنها دولة مارقة على الأسرة الدولية وعلى مؤسسات الأمم المتحدة، الأمر الذي قد يطرح مرة ثانية تصنيف الحركة الصهيونية على أنها حركة عنصرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. الأمر برمته يحتاج لإرادة سياسية وتخصص دقيق ونفس طويل للسير في هذه المعركة القانونية.