11 سبتمبر 2025

تسجيل

بين الدراما.. والواقع

10 فبراير 2021

كنت أشاهد عملاً درامياً مصرياً قديماً، أنتج في عام 1966 عبر قناة تقدم الأعمال القديمة تحمل اسم «زينة»، وشارك في بطولة العمل عدد من نجوم الزمن الجميل، مثل نظيم شعراوي وعمر الحريري والفنان القدير محمد توفيق وفاخر فاخر، والآن ونحن في عام 2021، وذات الموضوع يتكرر عبر العديد من العواصم. والقصة ذاتها أمام الحاجة وعبر ذات الحوار يبيع عمر الحريري ضميره كصحفي وبمبلغ متواضع «50 جنيهاً» وهو يؤدي دور «محمد عمران» هذا النموذج الحياتي يطل علينا عبر واقعنا المعاش مع الأسف، هناك من يطلق الألقاب بلا معنى على بعض النماذج الهشة التي لا تملك أي موهبة مثل الشاعر العظيم الذي تعلم منه طرفة بن العبد والمتنبي والجواهري، والمطرب الشحرور الذي قبلّ يده قبل رحيله كل من عبدالوهاب ووديع الصافي وأم كلثوم.. وأما عن الملحن فقد تخرج من مدرسته السنباطي وزكريا أحمد والأخوان رحباني، وهكذا يبيع الوهم والمأساة أن الآخر يصدق هذه الخرافات. كان عمر الحريري في العمل يكتب عن الدواء الذي يؤخر الشيخوخة عشر سنوات، وصاحب الشركة نظيم شعراوي يدفع له، ويقول له عبر هذا المبلغ التافه لا تكن طماعاً. وعبر ذات المسلسل «زينة» هناك تعرية عبر محمد توفيق الذي يؤدي دور «الطنطاوي» كمؤلف سينمائي، يأخذ النص ويذهب إلى المنتج، ولكن يصدم أن المطلوب شيء آخر، لا علاقة له بالإبداع.. ماذا يفعل؟ هل يأخذ نصّه ويذهب أم يرتمي في حضن الحاجة؟، وإذا كان الآخر قد غلف واقعه الحاجة، فإن الذي يمارس الإبداع الآن يختلف شكلاً ومضموناً عما كان!. هناك مشهد صحفي كتب نقداً موضوعياً، وكان ضميرياً مرتاح مما تناوله، الى هنا والأمر بسيط، وأخذ من ثم المقال إلى مدير التحرير «فاخر فاخر»، فجأة يكتشف الصحفي أن في غرفة مدير التحرير الممثلة صاحبة الموضوع.. كان مدير التحرير قد أشاد بالموضوع سابقاً ولكن تغير أسلوبه بعد حضور الفنانة بمفاتنها، كان في البدء مع الصحفي إلا أن الأمر قد تغير لاحقاً. إن هذا النقد الاجتماعي يحمل فعلاً صرخة ضد الواقع المزيف وسيطرة الهمبكة على واقع الفن و... و.... وهكذا تتغير المشاهد، ولكن الطرح يحمل ذات المضمون، فكاتب السيناريو يوافق أن يغير كل المشاهد ويتحول الأمر من نقد اجتماعي لواقع معاش إلى مشاهد لا تخرج عن إطار الرقص ومعركة، وهنا يوافق الكاتب أمام الحاجة أن يغير كل شيء، نكتشف أن الصحفي يغير مع مدير شركة الأدوية تأثير الدواء ونجد كاتب السيناريو يغير من أبعاد مقاله ويضع ما يحبه صاحب الشركة، ويكتب الصحفي ما لا يؤمن به. وهنا يقول الفنان توفيق «المال غول مخيف، يبلع كل القيم الجميلة!»، نعم هنا ادفع.. تسلم.. جزية. هنا مع الأسف من يخلق من النكرات نماذج ضبابية في كل شيء، في الشعر والفن والموسيقى، وعندما سألت احدهم.. ما رأيك؟، قال: دع الخلق للخالق، وهل أنت المنوط إليه تصليح الكون، وكم كان صادقاً فيما قال!. [email protected]