18 سبتمبر 2025

تسجيل

أتشغلنا التوافه؟!

10 فبراير 2020

يقال "الرجل التافه هو غير متزن، قليل العقل لا قيمة لأعماله"، ويقال "التَّوَافِهِ: أَيْ كُلُّ غَثٍّ تَافِهٍ لاَ قِيمَةَ لَهُ"، ويقال " يَشْتَغِلُ بِتَوَافِهِ الأُمُورِ: بِمَا لاَ أَهَمِّيَّةَ لَهُ"، ويقال "رَجُلٌ تَافِهٌ: غَيْرُ مُتَّزِنٍ، قَلِيلُ العَقْلِ لاَ قِيمَةَ لأَعْمَاله"، فما بالنا نأتي بالتوافه وهذه هي معانيها إلى مجتمعاتنا ونصدح بها ونعلن عنا. فعلى هذا،سواءً الفرد كان رجلاً أو امرأة، شاباً أو فتاة، وكذلك المجتمع صغرت مساحته أم كبرت، كل هؤلاء وغيرهم إذا شغلتهم التوافه فلا قيمة لهم عند من يحقق تطلعاته وتتزاحم عليه إنجازته. وما نراه اليوم من انشغالات بالتوافه من أفراد أي مجتمع-ولا نعمم- ولكنه واقع، وتزداد فيه التوافه تفشياً وسيادة وتنادياً، فمن هذه التوافه:- الاستهتار بالسيارات بالاستعراض في سيلين أمام جموع من الناس وأغلبهم من الشباب، أليس هذا كله من التوافه، لا يقبل من أحد أبداً تحت أي مبرر لهذه التصرفات التافهة الساقطة، أعمار تذهب في لحظات من توافه الأعمال، هاتوا لنا بفائدة من فوائد "التطعيس"؟ مهما فعل وتم تنظيم التطعيس سيبقى من التوافه الذي لا يقدم شيئاً للمجتمع. سهر في مقاهي الشيشة من شباب ورجال ونساء أليس هذا كله من التوافه. ترفيه على غناء، والتنادي بالمغنيين والمغنيات في ساحات أي مجتمع، أليس هذا كله من التوافه، ما كان أبداً التنادي بهؤلاء الساقطين من أي دولة وإحضارهم كان حضارة ونهضة وتحقيقاً لرؤى، ومن ينتظر مجداً وقوة وتمكيناً وتحقيقاً لمراكز متقدمة بين الدول التي لا تشغله التوافه. ومن التوافه الانشغال بالإشاعات ونشرها لتبلغ الآفاق، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي. ومن التوافه انتشار " الهاشتاقات" التافهة على منصة تويتر، لا يقبلها لا دين ولا خلق ولا عرف، وما يزيد الطين بلة أن يتفاعل معها حشد كبير من المغردين مع هذه التوافه. ومن التوافه تتحدث دوماً عن أصلك وفصلك وحسبك ونسبك، ويأتي عليها وكأنها من لوازم حياته، المهم في كل هذا، ما هو أثرك في مجتمعك وإنجازتك ولو بأقل القليل، وقد قال الأولون" وكن رجلاً يقولون: مرَّ، وهذا الأثر". ومن التوافه أن تستضيف بعض المجتمعات شواذ لا قيمة لهم، وكأن هذه المجتمعات ليس لها دين خالد وأخلاق وأعراف. فالتوافه حوّلت الكثير-إلاّ ما رحم الله- إلى هوامش، فإلى متى؟!. "وجاء في مقدمة ابن خلدون رحمه الله أن الترف والنعمة الزائدة والتفنن فيهما واستجادة أحوالهما مفسدة للأخلاق وداعية إلى الانشغال بالسفسفة والتوافه، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال "إن كثرة الشهوات والملاذ الناشئة عن الترف تؤدي إلى الفسق واطراح الحشمة، ثم إذا كثر ذلك تأذن الله بخراب تلك المدن وانقراضها، مستشهداً بقوله تعالى"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا". فإذا أراد الفرد والمجتمع معالي الأمور، فعليه أن يبتعد كلية عن التوافه والسفاسف، والقضاء على هيشات التوافه هنا وهناك. "ومضة" "إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، و أَشرافَها، و يَكرَهُ سَفْسافَها". ومن فطن لهذا الإرشاد النبوي، وأعطاه حقه بلغ أمانيه وابتعد عن مستنقعات التوافه، ورسم لمجتمعه وأمته مشاهد حية من معالي الأمور في جميع مجالات الحياة، لهو جدير بأن يُحترم ويقدّر. [email protected]