02 نوفمبر 2025
تسجيلكنت أصف الزميل قينان الغامدي المستقيل مؤخراً من رئاسة تحرير صحيفة الشرق السعودية بالحصان الجامح دائماً "ينطلق بقوة ثم يفقد السيطرة على نفسه". هكذا وصفت الزميل المخضرم عندما عين رئيساً لتحرير الشرق السعودية حين تقررت انطلاقتها كصحيفة يومية بعد سنوات طويلة من الصدور الخجل في مدينة الدمام كمجلة أسبوعية أولاً ثم صحيفة تحت مسمى دنيا الشرق. انطلقت الشرق في ثوبها الجديد يوم الخامس من ديسمبر 2011م وكان قينان بتاريخه المهني في عدد من الصحف السعودية في كرسي رئاسة التحرير، ورغم سعادتي بالمستوى الذي ظهرت به الشرق في حلتها الجديدة، خاصة أني أرتبط بها مهنياً منذ 1986م وإدارياً بحكم عضويتي في مجلس إدارتها، إلا أنني كنت أحمل قلقاً كبيراً على ذلك الكرسي الذي سيخلو فجأة من قينان وهو الجامح الذي يتحين لنفسه لحظات السقوط إثر مشاغباته المستمرة في مساحة مقالته اليومية تماماً كما فعل في صحيفة الوطن العسيرية التي ترجل عن مقعد رئاستها مبكراً بسبب مقالته الشهيرة ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث تجاوز في سطوره الخطوط الحمراء، فتجاوزته الوطن إلى غيره، بينما لم تكن تلك التجربة كافية للزميل، فظل يغرد من موقعه الجديد في الشرق خارج السرب ويصرح بما يرى هو فقط دون غيره، رغم أن تعيينه الأخير كان من باب نسيان الماضي وإتاحة الفرصة لمهنيته التي يقرر هو دائماً إنهاءها وفق مزاجيته المتقدة ورؤيته التي لا تتوافق غالباً مع الرؤية العامة، بل وتجلب أحياناً ما لا ينبغي من العقد والمشاكل. عموماً كانت قطر هي السبب المباشر الذي جمح بالزميل وأخرجه خارج حلبة الصحافة بعد سلسلة تقارير ومقالات نشرها في الشرق يربط فيها أحداث الربيع العربي ومشاهد بعض الدول بالدور القطري الذي ينعته بالطامح لدور مشوب بالسلبية وتبني المؤامرات والتدخلات في تلك الدول وتبني ملفات التغيير فيها، بما فيها السعودية، في قفز صريح ومستغرب من كل الأوساط المتابعة. لذلك رد عليه الزميل مهنا الحبيل بمقالة نشرت الخميس قبل الماضي في صحيفة الوطن القطرية تحت عنوان "حوار وميزان مع مقالة الزميل قينان" استنصحه في سطورها بعدم القفز على علاقة الشعبين وتخيل ما لا يستساغ من سيناريوهات العلاقة بين البلدين وطبيعة التعاطي والفهم المنفرد لملفات المشهد العربي الساخن. ولكن فهم الأخ قينان رسالة الحبيل وفق رؤيته، فكتب في عدد الثلاثاء الماضي مقالاً مطولاً صال وجال فيه مخوناً وناصحاً ومحدداً محاور الوطنية والولاء لها وفق محاور رؤيته، ومشككاً في دور لجان المناصحة، وبالطبع كانت قطر حاضرة في مقالته الطويلة كشماعة يخون من يواليها أو مجرد من يعجب بدورها في تجاوز صريح لمحددات الإعلام السعودي الذي لا يحتاج إلى مُعلم لصياغة ملامحه ومضمونه، فكان المقال إحباطاً للعلاقات وإحراجاً للسلطات السعودية والتي هي الأخرى لا تحتاج إلى بضعة سطور مشحونة لتستنير بما يدور حولها. ففي اعتقادي أن حجم التنسيق السعودي القطري متين وفعال شعبياً ورسمياً يضمنه مجلس أعلى للتنسيق المستمر بين البلدين. كما أن تخيل ملامح التخوين في علاقات البلدين ومجرد استنباطها من مصادر التواصل الاجتماعي غير الموثقة غالباً تحبطها علاقة الأسر الحاكمة وحجم التنسيق البيني والرسائل القيادية المكثفة بين البلدين التي لا يعرف مضمونها بالضرورة السيد قينان ليفتعل أزمة من الخيال الشخصي المدعوم بثراء لغوي ومهنية تتكسر دائماً بالتعجل والثقة الشخصية المفرطة. عموماً تركت السلطات السعودية بحصافة بارعة الحرية للسيد قينان للترجل سريعاً في نفس يوم مقالته سداً لباب واسع من الفتنة قد يُفتح دون مبرر، متضمناً بحرا من القيل والقال والذي لن يجدي في مسير العلاقة بين شعبين وبلدين هما أشقاء بالفطرة والمصير.