13 سبتمبر 2025

تسجيل

حذار من عواجيز نظام حسني !!

10 فبراير 2011

(عواجيز) نظام حسني يشتغلون الآن وبكل ما أوتوا من خبث ودهاء وخبرة ودعم خارجي على تفتيت ثورة الجماهير والمنتفضين التي بات يطلق عليها ثورة 25 يناير.. ويمكن رصد تحركاتهم لسحق هذه الثورة في ثلاثة محاور حتى الآن: أولا: تقديم خطاب شبابي عاطفي وجدلي يصل إلى تبني الثورة ومطالبها ومحاولة سحر الرأي العام بوعود الانفتاح اللامحدود والوعود اللامتناهية، ثانيا: المعازلة والحيلولة بين الجماهير الغاضبة والنخب والأحزاب والجماعات المعارضة التي يفترض أنها تمثل هذه الجماهير ؛ من خلال: إثارة التسابقات والفوارق الفردية والحزبية بين أطيافها، ومن خلال تكرار الالتقاء والتواصل معها على شكل الحوارات تحت عنوان (البحث عن مخرج).. " ثالثا: محاولة حصر الثورة في ظاهرة الصراخ والشعارات والاحتجاجات (السلمية) وفي مكان محدود من ميدان التحرير وفي أوقات محدودة من كل أسبوع أو شهر وبعيدا عن تعطيل عجلة الحياة اليومية وبعيدا عن فكرة العصيان المدني والإضرابات العامة الشاملة التي قد تنتهي بإسقاط النظام.. خطير على الثورة أن تراوح مكانها وأن تفقد قدرتها على التقدم، والأخطر عليها أن يمسك النظام (سواء في صورة مبارك أو صورة عمر سليمان) بزمام المبادرة.. وللأسف هذا ما بات يهددها.. فإذا كنا نشخص كيفية وأثر زمام المبادرة والقدرة على التقدم والتهديد في حسم المواجهة بين النظام والثورة فلنتذكر أن الثورة بدأت بالخروج إلى الشوارع، ثم انتقلت إلى المرحلة الثانية في تحدي وتخطي الخوف بمواجهة قوى الأمن المركزي التي كانت مواجهات دموية ولكنها انتهت بفرار قوى الأمن المركزي أمام زحف الجموع على مقراته وإتلافها وعلى مقرات الحزب الحاكم وحرقها والتهديد بالوصول إلى مبنى التليفزيون ووزارة الداخلية والقصر الجمهوري.. ثم جاءت المرحلة الثالثة التي تجسدت في تعطيل عجلة الدولة ومؤسساتها فخسرت البورصة ما يزيد على 15 %.. لنتذكر أن كل ذلك تحقق في الأيام الثلاثة الأولى وأن كل تنازلات النظام وخطابات " عجوز النظام " جاءت في نفس فترة الأيام الثلاثة.. لقد كانت ثورة مطردة ومتطورة وهددت بالفعل وجود الدولة كدولة وليس النظام فقط.. فإن قيل: وهل هذا إنجاز يعتد به أو يشاد به؟ وأقول نعم ؛ فهو يؤدي– في العادة - (ولدينا أكثر من ثورة كنموذج على ذلك وبالأخص الفرنسية) يؤدي لهبوب جهات داخلية وخارجية لتوقي التفاعلات والتفاقمات حماية للدولة من ناحية وتوقيا من عقابيل الفلتان على دول الجوار من ناحية أخرى، وينقل القضية من المحلية إلى العالمية إعلاميا وسياسيا.. فإذا كنا نتحدث عن مصر وعن (إسرائيل) في محيطها فإن الأمر يأخذ مستوى آخر من الجدية والعالمية تسارعا واهتماما.. ذلك يفسر سرعة تخلي أمريكا عن - حليفها بل عميلها - الذي دعمته وعززت كل جرائمه وفساده ودكتاتوريته ضد شعبه وأمته طيلة الثلاثين سنة التي حكمها.. ربما يقول قائل: ذلك (الفلتان) هو الفوضى بعينها التي أرادها النظام.. بدليل الوثائق المسربة من مراكز الأمن أو التي اكتشفت عندما تمت السيطرة عليها.. وأقول: ليست هذه الفوضى هي ما نقصد فالفوضى نوعان ؛ فوضى استهداف النظام بمراكزه ومعالمه ورموز فساده وبرفض ممارساته.. وهي بهذا المعنى لغة عالمية تفهمها وتتحدث بها كل الثورات التصحيحية القديمة والحديثة ولا يسئ فيها الثوار إلا للنظام.. وهي فوضى إيجابية وإصلاحية ولا تسمى فوضى إلا تجاوزا.. أما الفوضى الذي أرادها وخطط لها فقد كانت تستهدف المواطنين وبيوتهم وأموالهم لتخويفهم وإرجاعهم عن فعاليات الثورة.. فالفوضى إذن غير الفوضى والهدف غير الهدف.. ما يخشى على الثورة منه هو ؛ 1- الغرق في التفاصيل التي تبتعد عن الهدف الأساسي الذي هو إسقاط النظام وفي الحد الأدنى إسقاط مبارك وعدم تقبل بقية النظام إلا في سياق (المرحلة مؤقتة، ولتنفيذ الإصلاحات الموعودة، وتنظيم نقل السلطة) 2- وأن تتحول النخب إلى وسطاء بين النظام والمحتجين ما يخرجها من المعسكر الجماهيري الذي يجب أن تكون فيه وأن تتقوى به وأن تقويه، 3- وأن تقع النخب والمعارضة في التسابق على التمثيل أمام الحكومة وعلى تقاسم كعكة النظام ما يساوي بين القوى الكبرى الحقيقية والقوى المهمشة التي ليس لها واقع في الميدان، ويساوى بين من لم تخل سجون الطاغية منهم ومن كانوا في ظله وتحت جناحه وكانوا مطيته لتزوير إرادة الشعب 4- وما يخشى منه أيضا أن تدفع الحاجة إلى الاعتماد الرسمي والهيبة الكامنة في نفوس " بعض " المعارضة وغفلتهم عن المتغيرات الجارية وعن أن النظام لم يعد هو ذاته الذي كان حاكما متسلطا ومقتدرا وباطشا كما خبروه ؛ الخشية هنا أن تدفعهم الحاجة والغفلة إلى مزيد من التردد على رئاسة الوزراء وعلى القصر الجمهوري وعلى مبنى تليفزيون النظام (مهما كانت العناوين) ففي ذلك ما فيه من خسارة الشرعية الجماهيرية بالنسبة لهم بقدر ما فيه للنظام من كسب نقيضها، 5- ويخشى أن تفهم المعارضة أن عملها الوحيد هو ترشيد الثورة والبحث عن حل وعن مكان في الحل، وأن تكتفي بالكلام والتحليلات وفي أحسن الأحوال بالتحريض.. وتنسى أن دورها هو النواة الصلبة التي تقوم بدور المحرض على الثورة والمفعل لأدواتها والمعمم لمفاعيلها والمحصن لمطالبها والرافع لسقوفها والممثل لتضحياتها، وأن عليها دفع ورفع رموز ناضجة منظمة ومؤصلة لرفض النظام وواعية لمحاولاته والتفافاته بما يناسب المرحلة والطموح.. آخر القول: عواجيز حسني " يحاولون إعطاء الانطباع بأن النظام لا يزال قائما، وأنه لا يزال الطرف المهم والمؤثر والمعتمد، وإعطاء الانطباع بأن المعارضة تلهث وراء التواصل معهم.. لذلك فإن على الثورة في مصر أن تعيد الإمساك بالمبادرة وأن لا تتوقف عن إبداع أدوات الضغط ومظاهر التصعيد، وأن تكتسب خبرة في مواجهة هؤلاء العواجيز مماثلة أو زائدة عما يكسبونه هم في مواجهتها، وعلى الثورة أن لا تسمح لهم بمبيت ليلة إلا على خيبة ولا بصحو يوم إلا على خوف.. وأن تضعهم طيلة الوقت بين اضطرارين إما التنازل وإما التصعيد، وإما التنازل الآن أو التنازل عن أكثر منه بعد ساعة.. وآخر القول أيضا: إن على المعارضة أن لا يستخفها نظام العواجيز إلى تصعيد غير محسوب، ولا إلى حوارات عبثية لا توطد إلا سوء ظن بها وأحقية للعواجيز لا يستحقونها..