17 سبتمبر 2025

تسجيل

حاضر بقوة رغم الغياب!

09 ديسمبر 2013

لم يقل (يا فيها يا أخفيها) لم يقل كفرعون أنا ربكم الأعلى، لم يقهر، ولم يضرب بعصا السلطة الغليظة، ببساطة أخرج نفسه من الحسابات الشخصية الضيقة فلم يكن طامعاً في كرسي، ولا أبهة، ولا سلطة، ولا هيمنة، ولا طامعاً بتولي رأس هرم الدولة ليملأ خزائنه من خيرات الوطن المستباحة، كان كل همه تحرير السود من ربقة العبودية، والعنصرية، واستعادة كرامتهم الإنسانية، حتى وهو داخل إلى السجن ليقبع فيه قرابة ثلاثة عقود دخل وابتسامته الطيبة التي تشي باطمئنان غريب لم تفارقه، لم يدع للعنف، ولا للثأر، ممن حرموه الشمس، والحرية، وصادروا تحركه الإنساني من أجل وطن يعذب ناسه بسياط العنصرية البغيضة، تزيا يقينه وعاش في سراديب الزنزانة يؤمن بأن النهار آت لا محالة وإن تأخر، وجاء النهار مطلقا (مانديلا) الطير الأسير في فضاءات الحرية التي عشقها، وبسلمية مثالية جيش زعيم الحرية لمقاطعة نظام جنوب إفريقيا في السجن وخارجه حتى رضخ السجان، واستجاب بمنح بشر ولدوا أحراراً حريتهم المنشودة، ودخل مانديلا الانتخابات، لم يزور، ولم يكذب، ولم يدفع لمن يبيع له صوته، فاز حزب المناضل بالأغلبية فتولى السلطة التي عاش خادماً لها، منصفاً لرعيته التي أحبته حباً أسطورياً، عاش مانديلا رجلاً استثنائياً بكل معنى الكلمة، فهو صديق لكل عمل إنساني، مشارك في كل ما يساهم في إسعاد البشر أينما كانوا، لم ينس محيطه العالمي، فكان من المتعاطفين الداعمين للفلسطينيين المؤمنين بضرورة حصولهم على كل حقوقهم وأولها حق العودة، خمسة وتسعون عاماً بيضاء عاشها الزعيم المناضل، لنصرة حرية قارته السوداء مُضحياً بوقته وراحته، وسنوات عمره، وأبداً لم يكن متكالباً على كرسي السلطة لتكون سلطته أبدية مؤبدة بل تركها لغيره طواعية دون أدنى حساسية أو غضاضة مخالفاً بذلك معظم الرؤساء المشتاقين للكرسي، الحريصين على الالتصاق به بوله مجنون ولم يتركوه إلا بالاغتيال، أو بالعزل، أو بزيارة عزرائيل اللطيفة ليقول: اتفضل معانا! هذا هو مانديلا الزعيم الملهم الخليط بين الشجاعة، والأخلاق، والضمير، وإنكار الذات، والزهد، والانتماء لكل ما هو إنساني، هذا هو مانديلا حبيب القارة السوداء، وأيقونتها الفريدة وأبوها الروحي الذي يسجل في قلب العالم اليوم حضوراً مدوياً رغم الغياب بعد أن قدم بكل الحب، والتفاني، والإخلاص، ما تفخر به أجيال بعد أجيال. صحيفة (فايننشال تايمز) قالت: (عظمة مانديلا تتجلى في إعلائه المصالحة على الرغبة في الانتقام، وفي فهمه العميق بأن الديمقراطية وحدها القادرة على مداواة جراح العنصرية)، ويظل شوك الحياة كثيراً نراه أينما تلفتنا بينما وروده العابقة تذوي بعطرها الإنساني البديع وإن عاش العبق للخامسة والتسعين! وداعاً أيقونة الحب الجميل. *** طبقات فوق الهمس * يقول النشيد الشهير (وطني حبيبي الوطن الأكبر، يوم ورا يوم أمجاده بتكبر، وانتصاراته مليا حياته، وطني بيكبر وبيتحرر) عجبت جداً من القناة التي تزن بهذه الأغنية دون وعي بضرورة تغيير الكلمات لتتماشى مع نكبات دول الربيع العربي الذي يعاني التغريب، والتقسيم، والتهشيم، لتكون أصدق، صعب محاباة اللحن على حساب الحقيقة التي تقول: وطني حبيبي الوطن الأكبر، يوم ورا يوم نكباته بتكبر.. وانكساراته مليا حياته.. وطني بيصغر، وبيتبخر! أعان الله الوطن الأكبر على أوجاعه. * خروج بنات إسكندرية من السجن يمحو وصمة لم يوفق أبداً من اقترحها، بقي محو الوصمة حتى لا ينتبه التاريخ فيسجلها. * بعد اعتقال ابنته تغيرت لهجة المذيع محمود سعد وأكاد ألمح اعتراضاً، والسؤال هل كان ضرورياً أن تعتقل ابنتك لتعدل بُوصلتك وتستشعر أوجاع الناس؟ وإذا كنت قد جفلت لمجرد الاعتقال فما بالك بالذي قُتلت ابنته، أو أبوه، أو أمه، أو أخته، هل تعرف هذه الآلام العصية على الصبر والاحتمال؟ * بالصدفة فتحت التليفزيون فسمعت الأستاذ (سلماوي) يتحدث عن مادة تهتم بحقوق الحيوان! يارب يخليك لمصر الناس عايزه حقوق الإنسان أولاً وخلي الحيوان بعدين. * غرق الناس في حكاوي الدستور، بعض الإعلاميين استبق الاستفتاء وأفتى بالنسبة التي ستسجلها (نعم) نذكركم بأننا تجاوزنا عهد مبارك والـ99%. * بدأ الكاتب مقاله بـ(مين الحمار اللي يشتري أسهم في البورصة إلا إذا كان عنده أمل أن المستقبل سيكون أفضل) أرى كلمة (حمار) قد شاعت في مقالات الكتاب، وعلى ألسنة مذيعين يشتمون بها من يشاؤون، وفي الهتافات العجيبة بالشوارع، وحتى في الأغاني (بحبك يا حمار) ياإخونا ظلمتو الحمار بأسلوبكم العار!! * بعد رحلة طويلة مساحات الحزن فيها كثيرة رحل (أحمد فؤاد نجم) الشاعر البديع، المشاغب، المشاكس، الباكي، الآمل، الغاضب، المحب، المبدع، العاشق لتراب مصر،المكتئب وهو يراقب حبيبته مصر تنزف، تتوجع، وهو عاجز عن مداواتها، رحل (نجم) تاركاً للأجيال إرثاً لا يمكن أن يصدأ، وشجاعة تعز على الخائفين، يقول (الفاجومي) * احنا مين وهما مين احنا قرنفل على ياسمين احنا الحرب حطبها ونارها واحنا الجيش اللي يحررها واحنا الشهدا بكل مدارها منكسرين أو منتصرين حزر فزر شغل مخك شوف مين فينا بيقتل مين؟