اقضوا حوائجكم بالكتمان

يقول رسولنا الكريم «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود «أي بمعنى أن من رزقه الله بشيء جديد، ولكنه لم يتم بعد مثل سفر أو زواج أو عمل أن لا يصرح به إلا بعد انتهائه وإتمامه، فربما تتحرك نفوس الاخرين بما فيها من حقد وطاقة حسد فلا يتم ولا يتحقق، والدليل قوله تعالى في سورة يوسف، محذراً يوسف من إخوته ( يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً، إن الشيطان للإنسان عدو مبين ). وأيضا نفسياً عندما تتحدث عن طموحاتك وإنجازاتك فأنت فعلياً لا تنفذها بل تتحدث عنها فقط، حتى في احساسك الداخلي، التنفيذ يبدأ بالفعل والتخطيط وليس بالحديث عنه فقط، وليس الغرض من الكتمان الخوف من الحسد والحقد فقط، وإنما تجنباً لخيبات الأمل أمام الناس وخصوصاً بعد ما رفعت سقف توقعاتك، فإن الكلام أسهل من الفعل بمراحل، وليس جميع من حولك يتمنى لك الخير، وليس الجميع يفرح لفرحك، ولربما شخص قريب يحسدك وشخص بعيد لا يعرفك يتمنى لك الخير، فأنت لا تعلم ما في القلوب، ووحدها الافعال تثبت لنا من يحبنا ويقدر وجودنا في حياته، ومن لا يحبنا ولا يقدر وجودنا في حياته. فهناك قلوب مريضة مهما كانت مساندة ومتعاونة وتدعي الحب والصداقة لربما تكون في داخلها تحمل شيئا من الحسد والحقد، وهذا شيء طبيعي لأننا بالنهاية بشر ولسنا ملائكة كما قال سيدنا عمر بن الخطاب ( لو اطلع الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف)، فالكتمان وعدم الافصاح في بعض الأمور يكون خيرا ومناسبا لعقلية الإنسان، فليس كل الناس إيجابيين فتجد السلبي المتشائم الذي يحكم على تجاربك وخططك بالفشل فور ما تقولها ويحطمك ويكون حكمه بأن التجربة لن تنجح أو يقوم بالمقارنة بينه وبينك في قرارة نفسه ويحطمك لكي لا تكون أفضل منه مثلا، فالكتمان يجعلك تركز على هدفك وعلى تنفيذ فكرتك بكل هدوء، ودون تدخل أشخاص غير مناسبين أو غير داعمين لك. وأيضا عندما تحدث أو تخبر أحداً بمخططاتك أو أفكارك لربما تكون بحاجة إلى التقدير ومن يمدح فكرتك مثلا، ولكن مع الوقت سوف تفقد الرغبة في تنفيذ ما تريد، ولانك قد حصلت على شعور جيد وهنا يقف الموضوع وتشعر بالعجز لانك على مستوى المشاعر، حصلت على شعور جيد ورضا، فتتوقف عن المتابعة والانجاز، ولكن عندما تكتم الأمر لحين تحقيقه يمنحك الدافع الأكبر لانجازه بسبب تحررك من الشعور بالخوف والشعور بالخزي ويجنبك ايضا التعليقات السلبية. خاطرة،،، لا تفتح فمك مبكراً للأشخاص الخطأ في الوقت الخطأ