19 سبتمبر 2025
تسجيللأني أؤمن بأن الحراك الثقافي اليوم لا يكتمل إلا مع الملمين بتغييرات ذلك الحراك وما يحتاجه من أدوات تساهم في زيادة الحركة الثقافية التنموية على المستوى المجتمعي بشكل خاص. وقد يكون هذا الوصف عاماً، ولكن إن تمكنا من التقريب أكثر، فالحراك الثقافي يظل في حاجة إلى تلك الأعمدة التي تعمل على خلق بيئة نشطة دائماً لاستمرارية التقدم وتزويده بكافة الوسائل التي تساهم في دعم التنفيذ قدر المستطاع. ويظل هذا الوصف عاماً، ولكن إذا ما حاولنا أن نحدد الحاجة أكثر، فإننا في هذه الحال نتطلع إلى البعد الثقافي المحلي بشكل أكبر وأكثر فهماً للوسط المحيط. بهذه الطريقة سيتم تلبية احتياجات المفهوم بناء على طبيعة مجتمع، وتدعم طبيعة مجتمع بناء على ما تقدمه له من احتياجات ثقافية موضعية، أي يرى من خلالها الانتماء بدلاً من الابتعاد والتغريب. وهذه التتمة هي بالتحديد المختصر الذي يجب أن تكون التعريف الثابت والمخصخص تحديداً للثقافة باختلاف جغرافيتها. ومن هذه الخصخصة ووضع الثقافة في إطار محدود، تظل الثقافة أسلوب حياة وعنصرا باطنيا عميقا، ولكن لا يمكن أن يكتمل من دون العامل البشري الذي يساهم في انعكاس الباطن والتنفيس عنه من خلال إضافة الحافز اليقظ والإبداعي والتشويقي لهذا المفهوم العريض والواسع. وهنا أحاول أن أقدم للاستشاري الثقافي مكانة خاصة منافسةً مكانته في هذا المجال. ولا أشيد هنا بجانب المدح للاستشاري وهو يتمثل بالثقافة على أنه أهل الاختصاص وصاحب الخبرات التراكمية العريضة والشهادات اللامنتهية. لا يهم العدد، ولا كل تلك الأشياء التي قد تعني شيئاً ولا شيئاً في نفس الوقت، خاصة إن ظل الاستشاري في هذه الحال مسيراً وليس يسيراً على التجديد. بالتأكيد لن أكون الجانب الذي يبرز ديباجية الاستشاري أو أي شخصية أخرى خاصة عندما تكون الصفات الديباجية لبساً مؤقتاً ورونقاً زائفاً، وفي حالة الاستشارة الثقافية سيكون قيمة غير مضافة ولا نافعة ولن تمنع في هذه الحال أي زيف أو تفاخر إن غاب المحتوى وهمش القياس الفعلي والواقعي. ولن أتطرق بعد إلى فهم العلاقات بين الاستشاري الثقافي والعرف الاجتماعي، ولي في هذا الجانب تعبير طويل سأشارككم فيه للممرات القادمة بإذن الله. ولكن بشكل مختصر لفهم هذه العلاقة، فأنا أصنفها بأنها من أكثر العلاقات تعقيداً والتي قد تجعل من الاستشاري شخصية تتبنى واقعا وتخذل الإبداع بشكل سريع كنتيجة متوقعة. لأنه تطبع بالعرف السائد من دون مقاومته. في حين ينتصر العرف على التطلعات المعاصرة وتنفي التجديد. وهذه تركيبة معقدة بحد ذاتها، عندما يكون الاستشاري محايداً ومستقلاً عن آراء غالبية خصخصت طبيعتها بحسب ما قيدته في طابعها وتطبعت بشخوصها. وهذا الدور أجده بطولياً في الحقيقة للاستشاري الثقافي، إن كان بمقدوره أن يفك التركيبة وينافس الجماعات في خلق ما يجعل من أسلوب حياتهم متجددا وليس جديدا. يعتبر هذا المقال لمحة مستقبلية لمواضيع عميقة للعرف الاجتماعي وعلاقاتها بالمحيط التنموي، فهو ليس تفصيلاً بعد! [email protected]