17 سبتمبر 2025

تسجيل

أمريكا تقول كلمتها

09 نوفمبر 2020

بالرغم من السباق الماراثوني الطويل للانتخابات الأمريكية في الأيام القليلة الماضية لانتخاب الرئيس القادم، الذي يدخل البيت الأبيض في العشرين من يناير 2021 م، فإن الشعب الأمريكي قال كلمته في نهاية الأمر واختار رئيسه المناسب في الوقت المناسب. الأمر الغريب في هذه الانتخابات أن المرشح "دونالد ترامب" كان عنيداً في هذا السباق وحاول التشويش على خصمه المنافس "جو بايدن" عبر تصريحاته النارية وتغريداته التي لا تنتهي طوال فترة التصويت ومنها قوله: إنه قد فاز بالانتخابات مقدماً وإن هذه الانتخابات كانت مسروقة، ولابد من رفع عدة قضايا على نده "بايدن" لأنه لا يستحق الفوز. كما حاول "ترامب" مراراً أن يكثر من كلامه الصارخ للحد من تقدم منافسه عن طريق ذريعة أن أكثر الأصوات التي صوتت كانت تأتي متأخرة ولا يحق لها الدخول ضمن الأصوات المرشحة.. وقد لعبت بعض الوسائل الإعلامية التي تدعم "ترامب" دورها المضلل لتحقيق هذا الغرض الذي باء بالفشل في نهاية المطاف. أعجبني كثيراً ما جاء في كلمة المرشح "بايدن" عندما شكر في كلمته المقتضبة والارتجالية بعد ساعات من تحقيق النصر ضد منافسه "ترامب" حيث شكر كافة الطوائف والجاليات الأمريكية، ومنهم من ينتمي للإسلام، وهذا كان قمة الحياد في قول الحقيقة، بعكس "ترامب" الذي كان متحاملاً طوال فترة حكمه، إذ كان يفرق بين أبناء شعبه على أسس طائفية وعرقية وهذا أحد أسباب خسارته بالأمس. والأمر الآخر الذي كان من أسباب خسارة "ترامب" أيضاً لهذه الانتخابات – كما يقول النقاد – إنه لم يوفق في التعامل مع أزمة كورونا بالشكل الصحيح، إذ شهد عصره قرارات تقوم على التخبط وسوء الإدارة في الأخذ بالأمور إلى بر الأمان، حيث كان عدد الإصابات والوفيات في ازدياد حين وصلت إلى أرقام ضخمة ومذهلة، عانى من خلالها الشعب الأمريكي الويلات بسبب سوء التقدير وعدم إحسان التصرف من قبل الرئيس تجاه هذه الجائحة العالمية، إذ كان يلقي باللوم على "الصين"، ولم يقدم حلاً واحداً للأزمة، فنال سخط شعبه عليه منذ فبراير وحتى نوفمبر 2020 م فودع البيت الأبيض ولم يتم التجديد له لفترة ثانية بعكس ما حصل مع الرئيس الذي سبقه "أوباما" الذي مكث في الحكم فترتين متتاليتين. والسبب الثاني في خسارة "ترامب" يكمن في ضعف الاقتصاد الأمريكي خلال جائحة كورونا، إذ لم يكن الرئيس موفقاً أبداً في السير بهذا الاقتصاد نحو التغلب على العقبات والتحديات التي عصفت بالبلاد وتسببت لها بخسائر فادحة على مدى الشهور الماضية.. فحسم الشعب الأمريكي الموقف وصوت إلى جانب "جو بايدن" ليتعلم "ترامب" هذا الدرس القاسي في السياسة وهو ما أفقده منصبه ليغادر بيت الرئاسة. كلمة أخيرة: يظن الكثير من المعلقين على المشهد السياسي داخل أمريكا اليوم بأن الرئيس السابق "ترامب" سيبقى خلال الفترة المقبلة قبل خروجه من البيت الأبيض ساخطاً عبر وسائل الإعلام الأمريكية على "بايدن" من باب الانتقام. [email protected]