31 أكتوبر 2025
تسجيلمطلوب الاهتمام بالأعمال المسرحية القطرية ودعمها مادياً ومعنوياً من قبل الدولةمثل هذه الجهود المخلصة تستحق الرعاية وتخليدها للأجيال المقبلة لرفعة اللوطنالمسرح صورة من صور التعبير الحقيقي عن الواقع الذي يعيشه أي مجتمع من المحتمعات. والفن مرآة المجتمع يناقش قضاياه وهمومه بكل أمانة وشفافية من خلال ملامسته للأحداث المحيطة ومعالجتها بصورة فنية راقية لا تخلو من القوالب الفكاهية الساخرة بروح عصرية، وهذا ما يحدث في هذه الأيام من خلال العرض المسرحي القطري الشيق "ديرة العز".وعندما وقع الحصار الجائر والمفتعل ضد قطر استنكر العالم أجمع هذه المؤامرة الدنيئة ضد هذا البلد الذي ينمو بسرعة البرق وهو ما ولد الأحقاد ضده، فأرادوا النيل منه من أجل استخدام بعض الأوراق المزيفة التي تقوم على إلصاق بعض التهم به دون وجود أية أدلة أو براهين دامغة تشفع لهم، ففشلت هذه الادعاءات وفشل معها هذا الحصار الممنهج لتحقيق بعض المكاسب السياسية والدعائية للدول التي قادت هذه المؤامرة النكراء .مسرحنا القطري لا تثنيه المؤامرات:فاستطاع أبناء قطر المخلصون في مجال الإبداع المسرحي من ممثلين ومخرجين وكتاب نص وسيناريو ومصممين ومنتجين أن يجعلوا من المسرح لوحة جميلة وملحمة وطنية مميزة للأزمة المفتعلة بطريقة فنية صادقة جذبت الجماهير بصورة ملفتة للأنظار .وما الحضور الجماهيري الكبير لهذا العمل المميز إلا صورة حقيقية عبرت عن مدى اهتمام أفراد المجتمع بالإصرار على متابعة هذا العمل والحضور بشوق منذ اليوم الأول له، لمعرفة ما فصول المسرحية الكوميدية "ديرة العز" من خلال صورة حقيقية للمعاني التي افتعلت من خلالها هذا الحصار الظالم.المشاهد الساخرة:كانت هي الأقوى والأكثر تقبلا من الجمهور الذي حضرها بكل حماس، ولعل استخدام القوالب الفكاهية كانت محقة في كل المشاهد خلال المسرحية، وهو ما جعل هذا العمل شفافا وبسيطا وأمينا في عرض المشكلة دون مبالغة، بل قدم لنا الحقيقة المرة والمضحكة في نفس الوقت بسبب افتعال هذه الأزمة .والشيء الأهم والأبرز في هذا العمل المسرحي أنه يشجع على مواصلة الأعمال القادمة في معالجة هذه الأزمة المفتعلة والتي لا نعلم متى نهايتها وإلى أين تسير بنا وبشعب الخليج الذي كان أول من فوجئ بافتعالها! .والمسرحية بشكلها العام:كانت مترابطة ومتصلة من البداية والمنتصف والنهاية، فهي من النماذج الحية للعمل المتقن بعناية شديدة ومتكاملة الفصول من شتى النواحي، وهذا العمل يندرج تحت نوع "المسرح السياسي الساخر" إن صح التعبير. الذي يعد اليوم من أهم الأعمال التي لا تتقن بشكل جيد إلا بعد عناء من الجهد المضني والدؤوب لخلق مثل هذه الأعمال الخلاقة والتي أعدت في وقت قصير .ولا شك أن مسرحية "ديرة العز" حققت هذا المراد، فكانت سياسية وساخرة معا ومعبرة عن الحدث الذي تعيشه قطر ودول الحصار، كما نجح العمل بفضل الاستعداد المبكر له وبخاصة من قبل مؤلفها وبطلها الفنان المبدع عبدالعزيز جاسم، ومخرجها الفنان سعد البو رشيد، وطاقم التمثيل بمشاركة ثلة من النجوم كسعد بخيت وسعيد المناعي ومحمد أنور وفيصل رشيد وخلود ومريم فهد وسوار ويلدز وخالد خميس وعلي الشرشني، ونخبة من النجوم الصاعدة، ومجاميع من طلبة وطالبات المدارس في قطر. وقبل عرض المسرحية على مسرح قطر الوطني، احتضنت "فرقة قطر المسرحية" بروفات مسرحية ديرة العز. وقد تناولت المسرحية بشكل عام الكثير من تفاصيل وأسرار المؤامرة من قبل دول الحصار ضد دولة قطر وأهلها، وطريقة تصدي كل مواطن ومقيم للافتراءات والأكاذيب التي حاولت أن تنال من عزيمة وكرامة هذا الشعب المتماسك عبر تلاحم القيادة مع الشعب في رد كل هذه المحاولات الخسيسة التي تم فضحها أمام الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي .عرض المسرحية في عمان والكويت:بعد النجاح الباهر لهذا العمل نجد أن تنتقل المسرحية لتعرض في بعض دول الخليج المجاورة، لأن أزمة الحصار ضد قطر لم تعد تهم القطريين فقط بل أصبحت تهم أيضا بعض دول الخليج مثل سلطنة عمان ودولة الكويت لمشاهدة مثل هذه الأعمال المسرحية المعبرة بكل مصداقية عن الأزمة. ولهذا فلابد من دعم الدولة سعيا لنقله من المحلية إلى عرضه بدول الخليج لإظهار الصورة الحقيقية لهذا الحصار عبر المسرح القطري الذي صورها بصورة فنية صادقة ممزوجة بالسخرية والمواقف الفكاهية الراقية بعيدا عن التكلف .والخلاصة:أنه لفت انتباهي التوافد الكبير على المسرحية من قبل الجمهور من مختلف الأعمار، بهدف متابعتها والاستمتاع بها، وهو ما يسهم في تحفيز الفنانين القطريين المبدعين على تقديم ما لديهم من إمكانيات وقدرات إبداعية لإسعاد عشاق أبي الفنون، وهنا يأتي دور الدولة في تشجيع هذا الجانب. كما إن العمل تمير بإخراجه المتمكن والذي كان أحد عوامل النجاح مع ملاحظة الإعداد الجيد والجميل للأزياء المستخدمة في العرض .** كلمة أخيرة: تبقى مسرحية "ديرة العز" نقطة تحول في المسرح القطري "مسرح الأزمات أنموذجا"، حيث حملت العديد من الإسقاطات على الواقع والمستقبل. والمطلوب من الجهات المسؤولة دعم مثل هذه الأعمال الوطنية لخلق مسرح قطري هادف، يعالج قضايا الوطن بكل أمانة. ويستلهم الوحدة الوطنية في مثل هذه المواقف التي نحتاج إليها لتخليد فن المسرح وتحقيق رسالته المطلوبة في حدمة المجتمع، فالمسرح جودة الحياة لأنه أبو الفنون وأول الفنون منذ عهد الإغريق والرومان .