11 سبتمبر 2025

تسجيل

"فيروس" الاستقالات في الأحزاب التونسية

09 نوفمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يكاد يمر أسبوع حتى يكون الرأي العام في تونس على موعد مع خبر استقالة، أو بوادر انقسام أو تصدّع أو خصومة صلب هذا الحزب أو ذاك..لم يسلم من هذه الظاهرة أي حزب، في اليمين أو اليسار أو الوسط، الجميع اكتوى بنارها، فمن الأحزاب من قضت نحبها، ومنها من تفكك وانقسم إلى شلل ولعل الوضع الذي يمر به حزب نداء تونس (الحزب الأغلبي في البرلمان والحكومة)، أكبر دليل على ذلك.. فمباشرة بعد صعوده إلى الحكم، دخل في متاهة الخلافات والتباينات حول تقسيم "كعكة" السلطة، واضطر، تبعا لذلك، إلى الخضوع إلى جملة من الإكراهات الحزبية والإيديولوجية، وجد نفسه في الأخير حبيسا لها إلى حدّ الاختناق.. وحتى عندما أراد قياديوه الخروج من عنق الزجاجة عبر عقد المؤتمر التأسيسي، دخل الحزب في دوامة جديدة من الصراعات بلغت حدّ استعمال العنف فيما بين أعضائه وقيادييه، ما يؤشر إلى انقسام متوقع للحزب خلال المرحلة القليلة القادمة. وإذا كان حزب حركة النهضة، ثاني الرباعي الحاكم، والحزب الثاني من حيث الأغلبية البرلمانية، قد نأى بنفسه عن هذا المآل، بحيث لم يعرف حالة الشدّ والجذب صلبه على النحو الذي تعيشه أحزاب كثيرة، إلا أن الأنباء الواردة من داخل الحزب، تشير إلى فرضية انقسامه إلى شقين، على خلفية تحوله إلى حزب مدني عصري، بعيدا عن سياقات الأحزاب التي توصف بـ"الإسلامية" في تجارب الأحزاب العربية.. واستطاعت حركة النهضة، رغم كل الجدل، وحتى الصراعات الدائرة صلبها، أن تحافظ على وحدتها التنظيمية والحزبية، مستفيدة من إرثها الثقافي، الذي يمنع تصدير الخلافات أو الإعلان عنها أمام الرأي العام، وكذلك من الدهاء السياسي لشيخها، راشد الغنوشي، وقدرته على صناعة وفاقات داخلية بكاريزما لافتة.. أما "الجبهة الشعبية"، التي لعبت دورا مهما في المشهد السياسي وفي اتجاهات الأمور في البلاد، فإن تحالف الأحزاب الستة الذي تتشكل منه، يمرّ بقدر من الخلافات والتباينات، وربما الصراع داخلها، على خلفية الوجهة السياسية للجبهة، وطريقة تعاطيها مع الشأن الوطني، بالإضافة إلى الجانب التنظيمي الذي قد يتحول إلى معضلة ربما فجرت الجبهة من الداخل، إذا لم تحسن الأطراف المكونة لها إدارة هذا الملف المعقّد. بقية الأحزاب الأخرى على غرار الحزب الجمهوري والتكتل الديمقراطي والمؤتمر من أجل الجمهورية وغيرها، ممن توصف بـ"الأحزاب الصغيرة"، عاشت العديد من الاستقالات، وهي تجتهد اليوم من أجل التموقع في المشهد الحزبي بكيفية مؤثرة، رغم صعوبة ذلك، خصوصا بعد أن خسرت الانتخابات وتراجعت مكانتها في نظر الرأي العام. لا شك أن المشهد الحزبي في تونس، يمر بمخاض معقّد، وبنيته لم تتبلور بعد نهائيا، لذلك قد يفرز مكونات جديدة، لكن هذا الأمر لن يطول كثيرا في تقدير عديد المراقبين، فالحياة السياسية وتطورات المشهد، تشي بالكثير من التحولات المرتبطة بأفق الحكم، ومستقبل السلطة في تونس، التي بات "اللاعب" الإقليمي والدولي طرف فيها أكثر من أي وقت مضى.