20 سبتمبر 2025
تسجيلتشير بيانات التجارة الخارجية للبترول المصري من خلال بيانات البنك المركزي المصري خلال السنوات الماضية، إلى تحقيق مصر فائضا دائما في تجارتها البترولية، في ظل استمرار زيادة قيمة الصادرات البترولية المصرية عن قيمة الواردات البترولية. وها هي بيانات السنوات الخمس المالية من 2005/2006، إلى 2010/2011 تشير إلى تحقيق فائض بلغ 5 مليارات دولار في عام 2005/ 2006، زاد إلى 6 مليارات دولار بالعام التالي ثم عاد إلى 5 مليارات في 2007/2008، ثم تراجع إلى 4 مليارات بالعام المالي التالي ليترفع الفائض التجاري البترولي، إلى 5 مليارات بالعام المالي 2009/2010. وارتبط بذلك ما ينشره التقرير السنوي لشركة البترول البريطانية، عن زيادة الإنتاج المصري من البترول، عما يتم استهلاكه محليا خلال السنوات الماضية، خاصة أن تلك البيانات تأخذها الشركة البريطانية من الدول وتنشرها كما هي دون أي تدقيق لها. إلا أن حجم الفائض البترولي المصري ما بين الإنتاج والاستهلاك، حسب بيانات الشركة البريطانية، يثير تساؤلا حول عدم تناسبه مع قيمة الفائض، الذي يعلنه البنك المركزي لنفس السنوات، ففي عام 2007 كان الفائض حسب الشركة البريطانية 60 ألف برميل يوميا، ما بين إنتاج بلغ 710 ألف برميل يوميا واستهلاك بلغ 650 ألف برميل. أي أنه بحساب الكمية الفائضة خلال السنة والبالغة 9ر21 مليون برميل، في سعر الخام وقتها والبالغ أقل من 67 دولار للبرميل، تصل قيمة الفائض 462ر1 مليار دولار وليس حوالي 6 مليارات كما ذكرت بيانات البنك المركزي. والأمر نفسه خلال السنة التالية من خلال فائض بلغ حجمه 29 ألف برميل يوميا، مع سعر يقل عن 92 دولارا للبرميل لتصل القيمة الإجمالية للفائض إلى 970 مليون دولار وليس حوالي 5 مليارات دولار حسب البنك المركزي. ونفس التناقض حدث عام 2009 مع فائض يومي 23 ألف برميل، ومتوسط سعر 58 دولارا للبرميل، لتصل قيمة الفائض أقل من نصف مليار دولار كقيمة، وليس حوالي 4 مليارات دولار حسب البنك المركزي. ويفسر الخبراء ذلك التناقض بأن الكميات التي يتم إنتاجها محليا، بها حصة للشريك الأجنبي تدور حول نسبة الأربعين بالمائة. وأنه نظرا لعدم كفاية الإنتاج من قبل الشركات المحلية للاستهلاك المحلي، فإنه يتم شراء تلك الحصة من الشريك الأجنبي بالأسعار العالمية. ومن هنا فإن قيمة التصدير البترولي المعلنة لا تخص الشركات المصرية وحدها، بل يدخل فيها نصيب الشريك الأجنبي، كذلك تدخل فيها قيمة صادرات الغاز الطبيعي، والتي بلغت خلال العام المالي 2008/2009 أكثر من 3 مليارات دولار. إلى جانب 571 مليون دولار قيمة تموين السفن والطائرات بالموانئ والمطارات المصرية بالوقود. وهكذا فإنه بخصم قيمة حصة الشريك الأجنبي من إجمالي الصادرات، وقيمة تصدير الغاز الطبيعي، وقيمة تموين السفن والطائرات بالوقود. فسنجد أن قيمة الواردات البترولية أكبر من صافي قيمة الصادرات. مما يعني أن مصر دولة مستوردة للبترول وليست دولة مصدرة له. ويبدو ذلك جليا من خلال بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي تشير إلى ذلك منذ عام 2007، وحتى العام الماضي والتي تفيد بأن كميات الإنتاج البترولي في مصر مع احتساب حصة الشريك الأجنبي ضمن الإنتاج الإجمالي، تقل عن كميات الاستهلاك المحلي منه. ومن هنا فإن صندوق الدولي في تقاريره الدورية يصنف مصر ضمن الدول المستوردة للبترول. والمثير أن بيانات شركة البترول البريطانية الخاصة بالعام الماضي، قد أكدت تحول مصر إلى العجز في ميزانها البترولي بنحو 21 ألف برميل يومي، كفارق بين الإنتاج اليومي البالغ 736 ألف برميل والاستهلاك اليومي البالغ 757 ألف برميل. وهو أمر أكدته منظمة أوبك من قبل، فقد أشارت بياناتها عن مصر خلال عام 2009 إلى أن إنتاج مصر 496 ألف برميل يومي، بينما بلغ حجم استهلاكها 676 ألف برميل يومي بعجز 180 ألف برميل يومي. ويفسر الاختلاف بين بيانات أوبك الخاصة بالإنتاج البترولي المصري والبالغة 496 ألف برميل بذلك العام. عن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لنفس العام والتي بلغت 687 ألف برميل، وعن بيانات شركة البترول البريطانية لنفس العام، باقتصار رقم أوبك على إنتاج الشركات المصرية واستبعاد حصة الشريك الأجنبي. وهكذا اتفقت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وشركة البترول البريطانية ومنظمة أوبك، في بياناتهم الخاصة بالعام الماضي، على وجود عجز في الميزان البترولي المصري. مع الأخذ في الاعتبار الفرق الضخم بين قيمة برميل الخام الذي يتم تصديره، وقيمة برميل المشتقات الذي يتم استيراده. في ظل استيراد مصر كميات ضخمة من البوتجاز والسولار والمازوت.