15 سبتمبر 2025
تسجيلكثيرة هي الحيوانات الأسطورية التي تعتبر من نسج الخيال الشعبي كالتنين والعنقاء، التي حيك حولها الكثير من القصص الخيالية، وبقيت كذلك لآلاف السنين عالقة في الأذهان مجرد خرافات يحلو الحديث عنها مع الصغار أو تبنى عليها سيناريوهات لأفلام الخيال. بيد أن عروس البحر في الواقع حقيقة مزجت بخيال رواد البحر، وهي ليست كما يصورها الخيال الشعبي نصف سمكة ونصف امرأة، ولكنها حيوان بحري من الثدييات، يشبه في الكثير من صفاته الإنسان. سر التسمية يقول الدكتور أحمد شوقي، وهو خبير في علم الأحياء البحرية، خلال الندوة العلمية التي نشطها عبر الإنترنت يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري حول عروس البحر، إن الصيادين القدماء على ما يبدو هم من كانوا وراء هذه التسمية، لأنهم كانوا يرون في هذا الحيوان تشابها كبيرا في الكثير من الصفات مع الإنسان. ويضيف "تعتبر عروس البحر من الحيوانات البحرية التي تصعد كثيرا إلى سطح الماء للتزود بالهواء، وعند طفوها على سطح الماء ترشق الصيادين بنظرات تشبه نظرات الإنسان، وهو ما دفعهم على الأرجح لتسميتها بالعروس". وبالإضافة إلى ذلك، فقد كانوا يشاهدونها وهي إلى جانب طفلها الصغير، تضمه كما يفعل الإنسان، فضلا عن أن لها ذقنا وملامح وجه تشبه كثيرا ملامح وجه إنسان، وهو ما جعلهم يطلقون عليها هذا الاسم. لكنْ هناك سبب آخر ذكره الراحل الدكتور حامد جوهر، أستاذ علم الأحياء البحرية ومؤسس معهد علوم البحار بالغردقة على شاطئ البحر الأحمر بمصر، فقد كان يرى في وجه عروس البحر شبها مع المرأة المسلمة المحجبة، وهو ما ذكره في بحث له عام 1945، حسبما أكده أحمد شوقي في الندوة. ويعتبر الدكتور المصري حامد جوهر أول من اكتشف وجود عروس البحر في خلجان مصر المطلة على البحر الأحمر، وقد تمكن من صيد أول عروس بحر لأغراض الدراسة العلمية في نوفمبر/تشرين الثاني 1942. أما سكان البحر الأحمر فكانوا يحبون تسمية هذا الحيوان بجمل البحر أو بقر البحر لأن جسده مكتنز باللحم. التسمية العلمية تقع عروس البحر تحت المسمى العلمي "Dugong"، وهو من عائلة "Dugongidae" التي تنتمي إلى فصيلة "Sirenia"، وهي من الثدييات البحرية آكلة العشب ومصنفة من طرف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة من الحيوانات المهددة بالانقراض، حسب ما جاء في موسوعة ويكيبيديا. ويبلغ متوسط طول عروس البحر من 3 إلى 3.5 أمتار، ونادرا ما تبلغ 4 أمتار حيث تمت مشاهدة عروس بهذا الطول مرة واحدة في مياه الهند، حسبما أكده أحمد شوقي. ويمكن لعروس البحر أن تصل إلى 500 كلغ، ولها ذيل قوي، ويدان تساعدانها على السباحة والخروج إلى سطح الماء، ولها فم مزود بمصفاة تساعد على التخلص من العوالق أثناء تناولها العشب. أما الأنف فهو محمي بمغاليق لا تفتح إلا عند الصعود إلى السطح للتزود بالأكسجين خلال عملية لا تتجاوز ثانيتين أو ثلاث ثوان ليتم غلقها بعد ذلك. ويمكن لعروس البحر أيضا أن تسافر لمسافة ألف كلم، وهي تعيش حتى عمر 73 عاما، وهو متوسط عمر الإنسان، لكنها بطيئة التكاثر، حيث لا يمكن للأنثى أن تلد إلا مولودا واحدا كل 7 سنوات، علما أن فترة الحمل تتراوح بين 13 و15 شهرا. ويبلغ طول الرضيع عند الولادة حوالي متر، في حين تصل فترة الرضاعة إلى عام ونصف العام. وتلعب عرائس البحر دورا كبيرا في الحفاظ على توازن البيئة البحرية، وذلك من خلال تقليبها للتربة في القاع أثناء تناولها الغذاء، كما أن فضلاتها تساعد على تخصيبها، وتساهم في عملية التلقيح أثناء تنقلها، وهي بذلك تتحكم في نمو أنواع من الحشائش البحرية. الجزيرة. نت