03 نوفمبر 2025

تسجيل

أذكرني عند ربك (2-2)

09 أكتوبر 2014

بالأمس لمن فاته الحديث ، تطرقنا الى فهم درس بليغ في الآية الكريمة من سورة يوسف : "وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين" .. ورأينا نتيجة الاستعانة بغير الله .. ونكمل اليوم بقية الحديث. يقول المفسرون إن واحدة من مكائد الشيطان ضد النبي يوسف عليه السلام هو دفعه ولو لثوان معدودات ، للاستعانة بغير الله في مسألة حياتية مهمة عنده يومذاك ، وهي العيش في حرية والخروج من السجن ، فكان مشهد الحديث مع الساقي وأن يطلب منه حالما يخرج من السجن أن يذكّر الملك بأمره .. ونجح الشيطان في مكيدته ليوسف واستطاع أن يقنع النبي الكريم ولو للحظات أن يستعين بالقوانين الأرضية مع مخاطرها ، وينسى قوانين السماء ، فكانت النتيجة أن لبث في السجن سنوات أخرى ، يعاني فيها القهر والحرمان .. لقد أراد الله سبحانه في ذلك المشهد وغيرها من مشاهد سابقة ولاحقة ، أن يعلم نبيه الكريم دروساً حياتية له ولكل من يأتي بعده إلى يوم الدين . ومن تلك الدروس عبر مشهد السجن والاستعانة بقوانين الأرض دون السماء ، أنه مهما يعمل الإنسان ويتخذ الأسباب لتحقيق أمر ما ، فلن يتمكن من انجازه لو اكتفى فقط بالقوانين الأرضية ونواميسها دون الالتفات إلى السماوية ، ولو بأدنى درجات اليقين والإيمان ، أن الذي يحقق الحاجات هو الله ولا غيره سبحانه. حتى تتمكن إذن من أمر ما ويتحقق وتُنجز ، فلا بد لك من أن تؤمن إيماناً راسخاً ويقيناً تاماً أن الله هو من سيحققه لك لو استعنت به ، وليس شرطاً أن تكون الاستعانة على شكل دعاء أو صلاة وغيرها من أفعال ، وإن كانت محببة بالطبع ، ولكن يكفيك تعزيز ودعم ذاك الإيمان الخفي الموجود في أعماقك بأن الأمور كلها بيد الله .. فلو أراد لك النجاح وأنت مؤمن به سبحانه أنه سيحقق لك ذلك ، فسيكون ذلك واقعاً لا محالة ، طالما أنك تتخذ الأسباب والطرق الصحيحة والسليمة مع الاستعانة بالله.. أما حين يحدث العكس ، فمهما كانت أساليبك صحيحة دقيقة ، ولكن في الوقت نفسه يخالطك شعور خفي أن الأمر سيتحقق على يد فلان أو علان بسبب نفوذ أو قوة أو سلطة أو ما شابه ، فاعلم أنك خاسر لا محالة .. وقصة النبي يوسف الصديق ، عليه السلام ، خير مثال على ما نقول ، ولك أن تستزيد في قراءة تفسير الآية ، لمزيد إيمان ويقين .. وما قصص الأنبياء إلا عبرة وعظة لنا إلى يوم الدين .. ولك أن تنظر إلى الآية الأخيرة في سورة يوسف المليئة بالقصص ، ولك أن تتأمل الحكمة في السـر الذي جعل الله تلك الآية خاتمة للسورة .. :" لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ، ما كان حديثاً يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون" ..