12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من الإيجابية أوقات الأزمات أن تبحث عن نقاط الضوء لتستنهض بها النفس، وأن تبحث عن الأرض الصلبة لتستشرف منها معالم الاستقرار والأمل، وأن تقوم بتعظيم الإنجازات لتستلهم منها مخايل الثقة وعوامل الثبات. وفي حالة الارتباك الإقليمي الراهن، وفي تلك الموجة العاتية القاسية والصراع الدامي بين الشعوب العربية وكثير من أنظمتها المستبدة التي ألهبت الظهور، وسفكت الدماء، وانتهكت الأعراض، وكممت الأفواه، بل وأغلقت كل باب يؤدي إلى حرية الرأي، وصناعة الوعي، ورحابة الفكر، وفي الوقت الذي تخلت فيه تلك الأنظمة عن مناصرة القضايا الإسلامية، بل كانت ضمن أدوات الغرب للتدمير والتجهيل وصناعة الخذلان، كان لابد أن نذكر نموذجا نجح في المعادلة فانتصر لقضايا الشعوب وخياراته بوضوح وجلاء، وانحاز لحقوق الإنسان وكرامته بقوة وإباء. نعم، إنها تلك الدولة صغيرة الحجم، عظيمة الأثر، إنها دوحة الأمان والإسلام، تلك البلد الأمين التي تلمح فيها بإكبار وانبهار تنافس الدولة مع شعبها أيهما يسبق إلى الخير أولا. تلك البلد التي لا يملك التاريخ أن يكتب أنها غابت يوما عن مناصرة القضايا الإسلامية، أو تخلت عن واجب الإنسانية. ولا يملك كذلك أن يدعي أنها تآمرت على دولة، أو تعصبت ضد شعب. إننا بحاجة إلى جراءة في أن نقول بلا خجل، وأن نكتب بلا حرج، وأن نثني على الخير بغية أن ينتشر، كما ينبغي أن نفضح الباطل بغية أن ينكسر. فإنك لو سألت عن الانحياز للإسلام ومعالمه وقيمه، فإنك ترى من أول وهلة تنافساً جاداً بين الحكومة والشعب أيهما يسبق إلى بناء المساجد وتعميرها، ورعاية علماء الأمة ودعاتها، حتى أن العلماء لم يجدوا لهم في أرض الله الواسعة الفسيحة موطنا يستقبل مقرهم، ويرعى اتحادهم، إلا تلك الدار التي آوت ونصرت، فكانوا بحق للإسلام رجالاً، وللمسلمين أنصارا. وإن سألت عن قضية الأمة وجرحها الدامي فلسطين، فيكفي أن تسأل أهل غزة من معكم بعد الله على وجه اليقين؟ وقبل أن تصل إلى سمعك الإجابة سترى بعينك في كل شبر من غزة وفلسطين للدوحة يداً حانية على فقير، ويداً راعية لأسرة شهيد، ويداً تبني ما هدمه الأعداء، وأفسده الأقرباء، ويدا تؤيد حق الوطن السليب والمواطن الطريد، وقيادة تصدح في المحافل الدولية بجرائم الصهاينة المعتدين بما لم يجرؤ مستبد على فعله وإن تظاهر باتساع دولته وعظيم سطوته، أو تظاهر غيره بحماية الدين وإمامة المسلمين. أما إن سألت عن الانتصار لقيم الإنسانية فاسأل في كل النكبات التي تعصف بالأمم أين الرجال؟ ستجد الصوت من أدغال إفريقيا وأوساطها مجيبا، يا سائلي عن آبار المياه شرايين الحياة التي غرسها القطريون، فلن تستطيع حصرها، وإن سألت عن قوافل العمل الطبي ومراكز الرعاية الصحية والجهد الإغاثي فسيبهرك أثرها. ومثلها ستأتيك الإجابة من شرق آسيا وغربها، ومن كل موطن للغوث، سواء في قلب الأمم أو أطرافها. وإذا سألت عن موقفها من حرية الشعوب، ستجد أن الثوار الأحرار لم يجدوا في العالم من ينشر قضيتهم، وينقل للعالم طموحاتهم، ويفضح آثار الاستبداد والقمع الذي وقع وما زال يقع عليهم مثل قناة الجزيرة من قطر، التي تفردت في العالم بأنها بحق منبر من لا منبر له، وهي الصوت العربي الوحيد الذي تفرد في فضاء العالم وأرغم الجميع على احترامه وخاطب الناس بلغاتهم. نعم إنها نقطة الضوء التي تنير ظلمات الاستبداد الذي خيم على المنطقة، نعم إنها معلم الإنجاز على المستوى المادي والإنساني والحضاري، نعم إنها الأرض الصلبة التي يمكن أن نقف على ربوتها نستشرف صورة وضيئة للمنطقة، ومستقبلا باهرا. وتلك سنة الإسلام الثابتة ومنهجيته المضطردة، فالله يكرم من أكرم عباده وينصر من نصر دينه، ويحفظ من حفظ حدوده، ولم لا، وهو القائل سبحانه: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان". فاللهم أكثر في الأمة من أمثالها، واحفظ لها أمنها وإيمانها، ورد كيد الحاقدين والماكرين إلى نحورهم، واملأ سماء الأمة بأنوار الحق، وأضواء العدل، ودعاة الخير، إنك ولي ذلك والقادر عليه.