17 سبتمبر 2025

تسجيل

ردا على سؤال صغيري.. الوطن لكل أبنائه

09 أكتوبر 2011

طفلي الصغير "فارس 7 سنوات" فاجأني دفعة واحدة بعدة مطالب واستفسارات يوم الخميس الماضي , فبداية أعرب الصغير بلهجة متهدجة من خوفه من أحداث بلدة العوامية في محافظة القطيف شرق بلادنا السعودية طارحاً عدة أسئلة كان أهمها لماذا ! , أما من أين وصلته تلك المعلومة المرعبة وحيثياتها فقد كان جهازه " الآي باد " القديم نسبياً في عمر التقنيات بين يديه يبرز صور الحدث جلية مع سلسلة من التعليقات المطولة التي لا يفهم هو فحواها بسبب السن الصغير وبداياته في فك الحرف , أما الطلب الذي أبداه بغنج الطفولة فهو بالحرف الواحد " لازم أشتري أي باد مطور قبل يخلص فقد مات من صنعه أمس " وحقيقة لم أكن قد علمت حينها بوفاة السيد " ستيف جوبز " أو حتى من هو هذا الرجل الأسطورة في عالم البرمجيات وأجهزة التقنية الحديثة فذاك جهلي وربما أميتي ضمن جيل اعتاد غالبيته على نمطية خاصة بعيدة عن تقنيات العصر ومستجداتها المتلاحقة فكان الصمت وبعض الوعود مخرجي الوحيد من ذلك الموقف الذي لا يُكبد صرف بعض المال فقط بل يحمل من الحرج الكثير , فقد مات " ستيفن جوبز " ونعتهُ بحسرة كافة الأوساط حتى إن الرئيس الأمريكي أوباما قد قال عنه في بيان تأبيني " كان من بين أعظم المبتكرين الأمريكيين، شجاعاً بما يكفي للتفكير بطريقة مختلفة، وجسوراً بما يكفي ليؤمن بأن بإمكانه تغيير العالم ، وموهوباً بما يكفي لتحقيق ذلك " فبعد هذا النعت الرئاسي وكل ما قرأته عن الرجل وسيرته العملية وتحدياته الطويلة التي خلدت تفاحته المقضومة وأسهمت فعلياً في تغيير العالم لا أجد ما أقول سوى إن وفاته خسارة فعلية للعالم , فبارك الله فيك يا صغيري أنت وكل أطفال العالم ممن استطاعوا سريعاً استلهام معطيات عصرهم مؤملاً إن تكون كل تلك المنجزات العلمية التي أسهم فيها جوبز وغيره من العلماء معطيات خير تسهم في خير البشرية ونمائها بعيداً عن ويلات الحروب والتصادمات بين الأمم وحتى بين الشعوب ذاتها التي نلحظ في وقتنا الحاضر اختلافاتها والتشكيك فيما بينها لدرجة التقاتل الشرس ربما بسبب اختلافات الفكر والرؤى والامتعاض المشحون نحوها , فالقتلى هنا وهناك بالعشرات والمئات في الحروب والثورات بل وتُسخر تقنيات العصر غالباً في الحفز إلى المزيد من الشحن المتبادل نحو التواجه البغيض دون إن تكون كل المنجزات سبيلاً لسلام البشرية ورخاءها , أعود إلى خوف طفلي من أحدث العوامية التي دكت فكره الصغير وأقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " فهي ابتلاء بالفتنة وخروج صريح عن مألوف معاشنا في بلد تتقاسم أطيافه مزايا العيش الكريم وسلسلة حريات تاريخية تنسجم مع ثقافة شعبه فيعبرون من خلالها عن رؤاهم ومطالبهم بعقلانية وهدوء بعيداً عن قنابل " المولوتوف " وطلقات الرصاص المكثفة وأعلام الدول الأجنبية وشعاراتها الحزبية لمهاجمة مركز للشرطة في بلدتهم يمثل شخصية البلد ونظامها لمجرد الاعتراض على تنفيذ مخالفات صريحة يعرف حقيقتها أولئك الثلة من المغرر بهم , لذلك كان بيان الداخلية السعودية سريعاً وشفافاً يوضح حقيقة الموقف ويعلن صراحة في سؤال ضمني للبيان عن ضرورة تحديد الولاء للوطن من سواه لتلك الثلة التي روعت البلاد وسجلت سابقة بغيضة بالنرجسية المسلحة وهي لا تحسب بالطبع كعنوان لعموم محيطها ودون إن تستقرى ميول الموقف الدولي والمنطقة تحديداً ومزايا المواطنة وتبعاتها خاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الماضي نحو الإصلاح بحزم متعددة ونوعية للعموم من المواطنين في مناطقهم وهويات فكرهم المتنوعة , بل كان من الأجدر صراحة لأولئك المهاجمين ومن ورائهم الأخذ في الحسبان تعداد الأغلبية والأقلية وميولها قبل المضي المتسرع لاستخدام لغة الرصاص والفوضى , فعقلاء العالم ودوائره المتابعة يمايزون بين موضوعية الطلب والامتعاض وأحقيته حين يكون هادفاً سلمياً وبين أن يكون السلاح هو لغته الأولى , عموماً تلك حالة وانتهت سريعاً في مسائها وظلت بلادنا آمنة مستقرة لا يلوي عموم مكونها من قيادة وشعب سوى إلى العمل والوفاق في وطن واحد , ويبقى للحدث وحيثياته انطباعات جديرة هي القيادة السعودية بثقة تاريخية للتعامل معها بمبدأ إن الوطن لكل أبنائه . [email protected]