20 سبتمبر 2025

تسجيل

حق النقض.. ونقض الحق

09 أكتوبر 2011

حسناً فعل الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف عندما طالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي في حال فشله بإجراء الإصلاحات التي يطالب بها الشعب السوري، وهو بذلك يرد على كل المنتقدين لروسيا لاستخدامها حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن ضد قرار حول العقوبات على سوريا، لأن استخدام هذا الحق الروسي في مجلس الأمن جاء كما شرحت روسيا خوفاً من استغلال ذلك القرار لشن حرب عسكرية ضد سوريا كما تقول روسيا التي وافقت على القرار الدولي ضد ليبيا فتم استغلاله من الغرب وحلف الناتو وذهبت هذه الدول الغربية من حماية المدنيين، حسبما جاء بالقرار إلى شن حملة عسكرية ضد ليبيا وهي بذلك لا ترغب تكرار ما حدث في ليبيا حسب زعمها. هذا التفسير الروسي لاستخدام حق النقض بمجلس الأمن ضد القرار الذي يستهدف سوريا يمكن أن نفهمه جيداً لكن المقارنة بين ما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا تختلف كثيراً لأن القذافي وفور اندلاع الانتفاضة الشعبية الليبية أمر سلاح الطيران الحربي بقصف المدن وقتل الشعب وتحركت الطائرات والدبابات والمدفعية نحو الشعب الليبي تحصد منه المئات، فكان لابد من التصدي لهذه المذبحة أو المجزرة بحق هذا الشعب ولولا مشيئة الله والتدخل السريع للجامعة العربية وموافقة مجلس الأمن على ذلك القرار لحماية المدنيين لشاهدنا مجزرة رهيبة ومخيفة يقترفها هذا الدكتاتور، فكان لابد من البحث عن مخرج فصدر القرار الدولي وهذا لا يعني أن حلف الناتو لم يرتكب أخطاء وسوف تظهر هذه الأخطاء قريباً وستظهر النوايا الغربية لاحقاً بعد الصراع حول اقتسام الكعكة الليبية. هذه الأخطاء لا نريدها أن تتكرر في سوريا ولا نريد حلف الناتو أو الغرب يتدخل في شؤون سوريا الداخلية ولا نريد من غير الشعب السوري إسقاط النظام أو تغييره أو الدفع لإصلاحه، فهذا الشعب قادر على حماية ثورته وقادر على قيادة إصلاح نظام بلده، لأن هذا الشعب لا يريد تغيير النظام الدكتاتوري بنظام استعماري حديث، لهذا نسمع من الثوار السوريين ومن كل المعارضين ما عدا القلة القليلة رفض التدخل العسكري الأجنبي وهذا الموقف يسجل للمعارضة السورية ويشهد على وطنيتها وحرصها على وطنها وشعبها. أما القلة التي تطالب بالتدخل العسكري والحماية الدولية، فإنها أفرغت نفسها من كل مضمون وطني وربطت مصيرها بأعداء الأمة العربية. وأعتقد أن الموقف الروسي والصيني قرأ جيداً هذا المشهد وعرفت روسيا ومعها الصين خطورة التدخل العسكري في سوريا على سوريا وشعبها وعلى مصالح هاتين الدولتين، لهذا اتخذتا واستخدمتا حق النقض الفيتو لكن رسالة الرئيس الروسي للرئيس بشار الأسد مؤخراً بضرورة تنحيه في حال فشله بإجراء الإصلاحات تؤكد أن استخدام حق النقض ليس معناه نقض الحق للشعب السوري في حقه بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة وهذه المطالب المشروعة هي مطالب الثورة الشعبية السورية وهي المطالب التي أقر بها الأسد نفسه لهذا فإن عدم الإسراع في إجراء مثل هذه الإصلاحات وتنفيذها فوراً على أرض الواقع يعني أن الفيتو الروسي ومعه الصيني لن يغلقا الأبواب والنوافذ أمام ما يخططه الغرب ضد سوريا إلى أمد بعيد إلى جانب أن روسيا نفسها لا يمكن أن تستمر على موقفها هذا إذا طال علاج هذه الأزمة وتم زهق أرواح أخرى لأن مصالحها متحركة فقد ولى عهد المساندة والدعم الأيديولوجي ولا نستغرب أن تغير روسيا مواقفها بسرعة حسب هذه المصالح المتحركة، خاصة المصالح الاقتصادية. لهذا يجب أن تفهم السلطة في سوريا هذه الأمور جيداً وتعرف جيداً أيضاً أن استخدام روسيا حق النقض.. لا يعني نقض الحق للشعب العربي السوري.