18 سبتمبر 2025
تسجيللا يشك باحث أن المستشرقين عكفوا على دراسة التراث الإسلامي، وبذلوا جهودا كبيرة في التعامل مع هذا التراث، بدءاً بتعلم اللغة العربية، وانتهاء بدراسة القرآن والحديث، ونشروا الكثير من الدراسات والأبحاث عن الإسلام وتاريخه وحضارته وعلومه وآدابه، وقد أدت هذه الحركة الثقافية الاستشراقية إلى نتائج إبجابية وأخرى سلبية، نعرض لكليهما بإيجاز في الآتي: في الإيجابيات: 1 – المشاركة في إحياء التراث الإسلامي، بالتحقيق والطبع والفهرسة والنشر وغير ذلك وإن كان كل ذلك لا يخلو من هنات. 2 – التعريف بالثقافة الإسلامية ونشر مفاهيمها بين المثقفين الغربيين، مثاله: ما قام به جوستاف لوبون في كتاب "حضارة العرب" وكارل برو كلمان في "تاريخ الأدب العربي" وغيرهما ممن كان العلم رائده والحق مقصده. 3 – استفزازهم المثقفين المسلمين وحفزهم للمشاركة في تحقيق التراث، ودفعهم وتحريكهم لتوضيح حقائق الإسلام ورد الشبهات وكشف زيف دعوات الخصوم، وقد أدى هذا بالفعل إلى الخروج من جمود العصور الماضية، وأحدث في المجتمع الإسلامي ديناميكية ثقافية جديدة. في السلبيات: 1 – إثارة الشبهات حول الوحي بعامة والسنة بخاصة، الذي تولى كبر هذا المستشرق المجري المسيحي "جولد تسيهر" 1850 – 1921م ويعتبر جولد إمام المستشرقين. 2 – تعمد المستشرقين تشويه التاريخ الإسلامي، فقد زعم مرجليوث ان حديث القرآن عن مجيء سيدنا إبراهيم إلى مكة، حديث مفتعل، ومرد ذلك الافتعال: الرغبة في تأليف اليهود، وهذه وحدها كافية لمعرفة مستوى القوم في البحث العلمي الحر والنزيه. 3 – التشكيك في قيمة الفقه الإسلامي والدعوى بأن هذا الفقه العظيم مأخوذ من فقه الرومان وأن المصطلحات الشرعية مستقاة من كتب اليهود. 4 – بتر الأحداث وعرضها من جانب واحد: في هذا الصدد يقول عبدالعظيم الديب في كتابه "نحو رؤية جديدة للتاريخ الإسلامي": "... نجد المؤرخين للحملة الفرنسية يقولون لنا: استيقظ الشرق على طلقات مدافع نابليون، وجاءت الحملة بأول مطبعة عرفها الشرق، وأول معمل للكيمياء، ورسمت أول خريطة للبلاد وأصدرت أول صحيفة" وهذا صحيح! ولكن كان يجب أن يقولوا أيضا: "إن الفرنسيين أول من نظموا المواخير والحانات، وأعطوها التراخيص جهاراً، وأول من أباحوا البغاء الرسمي، وأول من أدخلوا السفور والفجور، كان الأولى هذا بجانب ذاك، وأن يذكروا التخريب والتدمير، وسفك الدماء، واستنزاف خيرات البلاد". 5 – تخريج جيل جديد متشبع بثقافة الاستشراق يقلد القوم في أخطائهم ويردد بوعي وبلا وعي مقولاتهم وهذه نتائج الاستشراق ويقول ليوبولد فايس: " أصبح احتقار الإسلام جزءاً أساسياً من التفكير الأوروبي، ومن هنا كان عمل الفرنسيين متجهاً إلى تشكيك المسلمين في دينهم".