13 سبتمبر 2025
تسجيلمحاولة قوات بشار الأسد استعادة الجنوب السوري ما كانت لتبدأ لولا الاتفاق الروسي الإسرائيلي الذي ينص على ابعاد إيران مسافة 40 ميلا عن حدود الجولان مقابل حصول الأسد على الضوء الأخضر من تل أبيب، والحال انه لا يمكن التحقق من تلبية الطلب الإسرائيلي لأنه يمكن للمليشيات التابعة لإيران الاندماج مع قوات بشار بزي موحد. درعا بحد ذاتها ليست مشكلة إسرائيلية وانما الجزء الخاضع لسوريا في الجولان، فوفقا لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974 تتعهد سوريا بابقاء هذا الجزء منزوعا من السلاح، وهذا بدوره يطرح اشكالية إذ كيف لقوات بشار أن تدخل هذا الجزء لاخراج الثوار المقيمين هناك. فإذا قامت قوات بشار بذلك دون موافقة إسرائيلية فإنها تخرق اتفاقا ما يستدعي رداً إسرائيليا يعقد من حسابات كافة أطراف الأزمة. الجدل الإسرائيلي المحتدم يدور حول خيارات مطروحة، فهناك من يرى بأنه من الأفضل اقناع الثوار بالخروج طوعيا حتى لا يكون ذلك مبررا لقوات بشار في الدخول الى تلك المنطقة، لكن هذا بدوره يتطلب حصول إسرائيل على تعهد روسي — سوري لعدم التعرض للثوار، والخيار الثاني يتعلق بدخول قوات الأمم المتحدة التي كانت في المنطقة قبل بدء الحرب، والخيار الثالث أن تدخل قوة روسية سورية مختلطة إلى المنطقة لايجاد مخرج للثوار والنازحين. هناك من بين الإسرائيليين من يرى بأنه يمكن التعامل مع بشار الأسد شريطة أن يدرك الأخير أن الوجود الإيراني في سوريا سيكون له تبعات ترهق النظام، فمصلحة تل أبيب هي واحدة وواضحة تكمن في حرمان إيران من المكاسب الجيوسياسية التي حققتها في الحرب في سوريا، فإيران التي استثمرت ما يقارب من ستة مليارات دولار سنويا في الأزمة تسعى للحصول على وجود ثابت ودائم على الأرض السورية ما يقلق مضاجع الإسرائيليين. في السابق لم تعارض إسرائيل دخول قوات تابعة لإيران طالما أن هدفها هو انقاذ الأسد ونظامه من سقوط كان حتميا، غير أن اعلان إيران عن نيتها في بناء قواعد عسكرية دائمة في سوريا دق ناقوس الخطر في تل أبيب التي بدأت تستهدف هذا الوجود دبلوماسيا وأحيانا عسكريا. الأنظار ستتجه بعد أيام قليلة قادمة إلى قمة بوتين وترامب المزمع عقدها في السادس عشر من الشهر الجاري، فهناك رغبة روسية في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، وتسعى روسيا إلى الحصول على اعتراف بوضعها في سوريا وهو أمر لم تعارضه الولايات المتحدة من البداية، والحق أن ترامب لا يريد ابقاء قواته في سوريا لأنه لا مصلحة له هناك غير محاربة داعش وهي مهمة انجزت. لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فأمريكا تربط بين انسحابها من سوريا واخراج إيران والمليشيات التابعة لها من سوريا بأكملها وهي مهمة ألمح وزير خارجية روسيا لافروف بأنها غير واقعية. بتقديري أن الحل هو بيد روسيا، فهي تريد انهاء الحرب بسرعة حتى يمكن لها الاعلان عن النصر وطي ملف الحرب، وهي من اجل ذلك مستعدة لاحترام مصالح إسرائيل في سوريا، لكن يبقى السؤال يدور حول قدرة بوتين على التوفيق بين المصالح المتناقضة لإسرائيل وإيران. قبل أكثر من شهر فشلت قوة روسية في محاولة اخراج حزب الله من القصير، فهذا المحور يعتقد بأنه قدم تضحيات كبيرة من أجل سوريا ولا يقبل أن يخرج خالي الوفاض. بكلمة، عنوان الصراع من الآن فصاعدا سيكون الوجود الإيراني، وستقاوم طهران قدر المستطاع المساعي التي تستهدف وجودها لحرمانها من أهم مكاسب حيوسياسة حققتها في تاريخها الحديث.