22 نوفمبر 2025
تسجيلتتسارع الخطوات التركية العملية للتطبيع مع دول كانت على خلاف معها. الخطوة الأولى كانت كما بات معلوما مع إسرائيل. حيث اتفق البلدان على سلة شاملة للعلاقات الثنائية تتضمن تعاونا اقتصاديا وأمنيا وعسكريا مقابل تخفيف المعاناة عن أهل غزة عبر إرسال مساعدات إنسانية.الاتفاق انعكس تسريعا لتبادل السفراء الذين سيكونون قريبا في مراكز عملهم.خطوة التطبيع جاءت انعكاسا لسياسة تركية جديدة عبّر عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ستة أشهر من أن تركيا بحاجة إلى إسرائيل وهذه بحاجة إلى تلك.لن يمر التطبيع دون تأثيرات ثنائية وإقليمية ومنها تعزيز التعاون ضد الخصوم المشتركين وما أكثرهم ومن ذلك الملف السوري. أما الملف الكردي فتركيا تأمل دعما إسرائيليا ضد ظهور كيان كردي في سوريا ودعما لحرب تركيا على حزب العمال الكردستاني بعدما وصل الأخير إلى مستوى من القدرة غير مسبوق.لكن أحدا لا يعرف كيف سينعكس الاتفاق على موقف حركة حماس من مجمل القضية الفلسطينية ومجمل موقف تركيا من القضية الفلسطينية ومن حماس بالذات.وبعد إسرائيل تسارعت بصورة ضوئية عملية التطبيع بين تركيا وروسيا. وبعدما وصلت العلاقات إلى حد القطيعة والحرب الاقتصادية والعسكرية غير المباشرة جاء اعتذار الرئيس التركي عن إسقاط تركيا طائرة عسكرية روسية ليبادلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارات برفع العقوبات الاقتصادية ولاسيَّما السياحية وتوقع لقاء الرئيسين في نهاية الشهر الجاري. واللافت أيضًا أن الطرفين تعهدا بإحياء التنسيق لمحاربة الإرهاب خصوصا أن مطار إسطنبول تعرض لأخطر هجمة إرهابية في تاريخه وتاريخ تركيا في الأسبوع نفسه الذي عادت العلاقات التركية - الروسية إلى طبيعتها.بعد إسرائيل وروسيا يتساءل الجميع عمن هي الدولة المقبلة على لائحة التطبيع التركي. ذلك أن رئيس الحكومة بن علي يلديريم أطلق شعار تكثير الأصدقاء وتقليل الأعداء وهو نفس الشعار الذي أطلقه سابقا رئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو واشتهر بعبارة "صفر مشكلات" وبالتالي فإن سياسة تركيا الجديدة هي العودة إلى سياسة صفر مشكلات لكن بلاعبين جدد بدلا من داود أوغلو. وإذا كان أردوغان قد نجح في تطبيع العلاقات مع إسرائيل فإن الخطوات الأساسية في عملية التطبيع قد أنجزت في ظل وجود داود أوغلو في السلطة ولم يكن بقي سوى التوقيع. في حين أن أردوغان هو الذي كان بطل القطيعة مع إسرائيل بمواقفه ضد إسرائيل في دافوس وبعد سفينة مرمرة. السؤال يطرح مع تصاعد الحديث عن أن الخطوة التالية ستكون التقارب مع مصر. ورغم تعقيد الملف التركي - الإسرائيلي فإنه يبقى أكثر سهولة من الملف التركي - المصري. إذ إن أردوغان رفض منذ البداية الاعتراف بحكم عبدالفتاح السيسي ووصفه بالانقلاب العسكري ورفع شعار "رابعة" المؤيد للإخوان المسلمين في مصر ولا يزال حتى هذه اللحظة يرفعه، كما يستضيف في تركيا نشاطات الإخوان المسلمين بقياداتهم ووسائل إعلامهم.حتى الآن ليس من مؤشر على أن تركيا في وارد تغيير موقفها من مصر ومن السيسي. لكن إذا كان من بلد يمكن أن يكون الثالث على القائمة فهو بالتأكيد مصر. وإذا لم يحصل تطبيع في هذا المجال فإن هذا يضع الخطوات التطبيعية مع إسرائيل وروسيا في إطار لا يمت بصلة إلى تغيير في السياسة الخارجية بقدر ما هو خطوات تكتيكية للخروج من عنق الزجاجة في اتجاه استكمال أهداف سابقة ضد خصوم سابقين ومنهم مصر.لذا، من هذه الزاوية، فإن الكلام عن تطبيع في مرحلة رابعة مع سوريا وتغيير سياسات تركيا تجاه بشار الأسد هو من باب سابع المستحيلات. وهو ما يلقي ظلالا على تغيير حقيقي في سياسات تركيا الخارجية. وفي جميع الأحوال فإنه في السياسة ليس من صداقات دائمة ولا عداوات دائمة. والأشهر المقبلة ستحمل الجواب اليقين عن معظم هذه التساؤلات.