11 سبتمبر 2025
تسجيلتأمل القرآن وتدبره : على قارئ القرآن أن يقرأ القرآن بتمهل وبتدبر ، قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لأن أقرأ البقرة وآل عمران ، وأرتلهما وأتدبرهما أحب إليَّ من أن أقرأ القرآن كله هذرمة . قال العلامة ابن القيم ( رحمه الله ) : التأمل في القرآن هو تحديق ناظر القلب إلى معانيه ، وجمع الفكر على تدبره وتعقله ، وهو المقصود بإنزاله لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر ، قال تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر ألوا الألباب ) فليس شيئ أنفع للعبد في معاشه ومعاده ، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن ، وإطالة التأمل فيه وجمع الفكر على معاني آياته ، فإنها تُطْلِعُ العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما ، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما . وكان الحسن البصري يقول : قراء القرآن ثلاثة نفر : قوم اتخذوه بضاعة يطلبون به ما عند الناس ، وقوم أجادوا صروفه وضيعوا حدوده واستدروا به أموال الولاة ، واستطالوا به على الناس ، - وقد كثر هذا الجنس من حملة القرآن – فلا كثر الله جمعهم ولا أبعد غيرهم ، وقوم قرؤوا القرآن فتدبروا آياته وتداووا به . وينبغي لقارئ القرآن أن يعلم أنه المقصود بخطاب القرآن ووعيده ، وأن القصص لم يُرد بها السمر بل العبر ، فلينتبه لذلك ، فحينئذ يتلو تلاوة عبد كاتبه سيده بمقصود ، وليتأمل الكتاب ويعمل بمقتضاه ، وينبغي أن يتبرمن حوله وقوته ، وأن لا يلتفت إلى نفسه بعين الرضا والتزكية ، فإن من رأى نفسه بصورة التقصير كان ذلك سبب قربه . قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) . وقال تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ).يقول الإمام الشوكاني ( رحمه الله ) : في الآية دليل على أن الله سبحانه إنما أنزل القرآن للتدبر والتفكر في معانيه ، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر . وقال العلامة ابن القيم ( رحمه الله ) : فلا شيئ أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر ، فإنه جامع لجميع منازل السائرين وأحوال الغافلين ومقامات العارفين وهو الذي يُورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله .وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه ، فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها ، فإذا قرأه بتفكر حتى مَرَّ بآية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم ، وأنفع للقلب وأجدى إلى حصول حلاوة الإيمان وذوق حلاوة القرآن ، وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح ، فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب . وقال الإمام الآجري : القليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحبُّ إليَّ من قراءة الكثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه ، وظاهر القرآن يدل على ذلك والسنة النبوية وقول أئمة المسلمين . قال ابن الجوزي في زاد المسير : لما كان القرآن العزيز أشرف العلوم كان الفهم لمعانيه أوفى العلوم ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم . تفسير القرآن يعين على التدبر :على حامل القرآن أن يفهم القرآن ومراده ، وذلك من خلال كتب التفسير ، فإن ذلك يعينه على تدبر القرآن ، قال إياس بن معاوية التابعي : مثل الذين يقرأون القرآن وهم لا يعرفون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلاً وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة ولا يدرون ما في الكتاب ، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب .