11 سبتمبر 2025
تسجيلإشادة النقد الدولي ومؤسسات التقييم بأداء اقتصادنا القوي ينبغي ألا تمر الذكرى الثانية لبدء الحصار الخليجي لدولة قطر في الأسبوع الأول من يونيو، دون أن نتوقف عندها ولو للحظات لنتأمل كيف انقلب السحر على الساحر، وكيف فشلت مخططات التركيع والإملاءات ضد قطر. وإنه لمن عجائب القدر، وبدائع صنع الله، أن تشهد الذكرى الثانية لبدء الحصار، توجيه دعوة لدولة قطر المحاصرة لحضور مؤتمرات القمم الثلاث التي انعقدت في مكة مؤخرا... وأن يحضرها معالي رئيس الوزراء الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، دون أن يقدم أي تنازلات، في القضايا الخلافية المطروحة على الساحة. وفي حين كان المطبلون في وسائل الإعلام قد توقعوا قبل عامين ألا تصمد قطر في وجه الحصار المفروض عليها كثيراً، وأنها سرعان ما ستركع طالبة الصفح والغفران من محاصريها على ذنوب لم ترتكبها، إذا بالدولة؛ أميرا وحكومة وشعباً، تمضي رافعة الرأس شهراً بعد آخر، وإذا بها اليوم في الذكرى الثانية للحصار، وقد بدت أكثر قوة، وصلابة، ومنعة، في كافة الميادين. ويهمني في هذا السياق، أن أعرض للجانب الاقتصادي لصمود قطر، وهو الجانب الذي أبدعت فيها البلاد أيما إبداع. وقد كنت من البداية من الموقنين، بحتمية هذا النجاح، والصمود القطري في وجه كل المخططات والتهديدات. وكانت توقعاتي في ذلك مبنية على الأسس التالية: أولاً: تشابه اقتصاد قطر مع دول الحصار من حيث كونها جميعاً منتجة ومصدرة للنفط والغاز ومنتجاتهما، وبالتالي فإن صادرات قطر من هذه المواد التي لم تكن تذهب لدول الحصار، قد استمرت في تدفقها المعتاد إلى دول شرق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، عبر المنفذ البحري غير المحاصر، دون توقف، وفق العقود المبرمة مع المستوردين. وهذا التدفق المستمر ضمن للبلاد موارد مالية كبيرة ومستمرة، أمنت لها استيراد ما تحتاجه من دول العالم. ثانياً: إن 90% من واردات قطر كانت تأتي من الدول غير العربية، وبالتالي فإن هذه الواردات لم تكن لتتوقف يوماً أو تتأخر طالما أن قطر ظلت قادرة على الشراء، ودفع الفواتير، ومع ذلك فإنه في ظل أجواء التعاون الأخوي السابق بين الأشقاء، قد اعتمدت قطر على ميناء جبل علي في دبي لاستقبال جزء مهم من مستورداتها، وكانت تنقلها براً عبر الشاحنات إلى قطر. وقد كانت هذه إحدى نقاط الضعف التي تم التعامل معها وتجاوزها بعد بدء الحصار. ثالثاً: إن القيادة الحكيمة للبلاد قد عملت سريعاً على تشجيع إنشاء مشروعات صناعية وزراعية بمنتجات ذات جودة عالية لتأمين الاحتياجات المحلية من تلك المنتجات بعد أن توقف استيرادها من دول الحصار، وبذلك استفاد الاقتصاد القطري ونما إنتاجه المحلي، وخسرت دول الحصار. رابعاً: إنه من توفيق الله وكرمه، أن تم افتتاح ميناء حمد البحري بعد وقت قصير من بدء الحصار، بكل ما يتميز به هذا الميناء الجديد من قدرات استيعابية ضخمة، وتجهيزات متطورة، تجعله من بين الأكبر في المنطقة. وبالتالي فإنه بهذا الميناء الضخم قد استغنت قطر عن الاستيراد عبر جبل علي، فخسرت الإمارات ما كانت تحصل عليه من دخل عبر الواردات إلى قطر. خامساً: إنه رغم الحظر الجوي للطائرات العابرة في أجواء دول الحصار من وإلى قطر، فإن امتلاك الدولة لواحدة من كبريات الخطوط الجوية في العالم وأحدثها، قد وفر للمسافرين إمكانيات واسعة للسفر. وفي حين كانت الخطوط الجوية للدول المحاصرة تستفيد كثيرا من رحلاتها إلى قطر، فإنها جميعاً قد خسرت بعد الحصار مصدراً مهماً للدخل. سادساً: إن ما حبا الله به قطر من استثمارات ضخمة في الدول المتقدمة قد عزز من صمودها في وجه المؤامرات التي حيكت ضدها سواء لزعزعة استقرار نظامها المصرفي، أو لإضعاف سعر صرف ريالها القطري. سابعاً: إن علاقات قطر الإستراتيجية والمتميزة مع كثير من الدول الرئيسة في العالم، قد أكسبها تأييداً واسعاً في المحافل الدولية، وخاصة مع سلامة مواقفها، وعدالة قضيتها، ودعمها الواضح والمستمر لكل القضايا العادلة في العالم. وهكذا، فإنه بعد عامين من بدء الحصار، بدا الاقتصاد القطري في موقف أفضل من محاصريه، وحصل على مركز متقدم جداً في تقرير التنافسية العالمية، وحظى بإطراء صندوق النقد الدولي في قراءته ومشاوراته السنوية الأخيرة مع قطر، بموجب المادة الرابعة من تأسيس الصندوق، وحظيت المؤسسات المالية القطرية هذا العام بتقييمات مستقرة أو جيدة من جانب مؤسسات التقييم الدولية، وسجل مؤشر بورصة قطر في عام 2018 واحداً من أعلى معدلات النمو في العالم.