تأثيرات الحرب والسلام بين واشنطن وإيران

احتمالية تراجع السيولة داخل اقتصادات المنطقة تكلمنا في المقال السابق عن تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، هذا التوتر الذي أدى إلى حشود عسكرية في منطقة الخليج تصحبها حرب كلامية حامية الوطيس.. والسؤال الآن.. ما التأثيرات الاقتصادية على منطقة الخليج إذا حدثت حرب بين البلدين؟ والجواب هذا سيترتب على نوع الحرب التي ستكون.. هل ستكون حربا شاملة مثل العراق، أم ستكون ضربات دقيقة موجهة لمنشآت بعينها، أم أنها ستكون حربا بالوكالة؟، وفي كل الأحوال هناك تأثير سلبي على الاقتصاد من الحرب، وهذا شيء بديهي، لكن تفكيك احتمالات هذه الحرب ونوعها يترتب عليه تغير نوعي في آثار هذه الحرب الاقتصادية. أولا: تراجع السيولة: هذه الآثار متمثلة في احتمالية تراجع السيولة داخل الاقتصاد؛ بسبب مخاوف المستثمرين والمستهلكين؛ حيث سيقومون بمحاولة أخذ درجة من التحوط والحذر؛ مما سيحرم الاقتصاد من مستوى التقدم والحركة الاقتصادية، فستكون هناك حالة من تجميد الأموال، وعدم تشغيلها لتدور في شرايين الاقتصاد؛ مما سيؤثر سلبيا في حالة السوق. ثانيا: تكاليف الحرب من ميزانية الخليج: الولايات المتحدة – كما ذكر ترامب من قبل - تقول إنها تقوم بدور دفاعي عن منطقة الخليج، وتصرح بذلك بشكل صارخ بالنسبة للسعودية، وتدخلها العسكري ضد إيران سيكون من دوافعه الحفاظ على أمن الخليج، وهذا سيكون له ثمن باهظ من التعويضات التي ستتطلبها أمريكا في هذه الحالة، وهذه التعويضات لا شك أنها ستسبب مزيدا من الضغوط على الاقتصاد. ثالثا: تراجع الاستثمار في المنطقة: كثير من الشركات العالمية ستتراجع في إرسال سفنها أو الاستمرار في النظر للمنطقة كمنطقة استثمارية آمنة في كثير من المجالات سواء اللوجستيات أو النقل أو مراكز الدعم والاستثمار في الداخل وغيرها من القطاعات الحيوية التي ستصاب بشلل إذا حدثت مناوشات عسكرية. رابعا: ارتفاع تكلفة رأس المال: في حال تعرض المنطقة وأصبح مشهد الحرب هو الأكثر احتمالًا، فإن ذلك سيرفع من تكلفة رأس المال داخل المنطقة. خامسا: ارتفاع رسوم التأمين: كما أن الحرب سترفع من رسوم التأمين بشكل كبير على أي حركة؛ بسبب كثرة المخاطر وإمكانية تعرض السفن والمواد وحمولات السفن لأي أضرار، وهذا يعني أن أي شركات تأمين سترفع بوليصات التأمين بشكل كبير في المنطقة؛ مما يرفع الأسعار بشكل عام ويرفع تكلفة النقل في المنطقة بشكل كبير. سادسا: ارتفاع أسعار النفط: في حالة الهجوم على إيران سترتفع أسعار النفط بشكل كبير، خاصة إذا تضررت المنشآت النفطية ومنشآت الطاقة، وهذا التأثير السلبي ستختلف درجته حسب نوعية الهجوم، وفي اعتقادي أن الولايات المتحدة لن تستهدف منشآت النفط والطاقة والغاز، ولكن الاحتمال أنها ستستهدف محطات الطاقة الكهربائية والتكرير والمنشآت والبنى التحتية، وهذه المنشآت قد تتعرض لضربات دقيقة تحاول إيقاف البرنامج النووي حسب الادعاءات الأمريكية.